عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

 

تعدَّد الأبطال وتوحدت المصالح نحو هدف واحد، وهو إسقاط آخر «حكومات الوفد» وإقصائها عن الحكم، على اعتبار أنها الحكومة الوطنية التى ألغت معاهدة 1936، وصعّدت من عمليات المقاومة ضد الإنجليز فى القناة..! هناك شبه إجماع على أن «الملك» و«الإنجليز» هم أصحاب فكرة «التدبير»، بينما تعددت أدوات التنفيذ من «البوليس السياسى» و«جماعة الإخوان المسلمين» و«الاشتراكيين واليساريين»، ووصولًا إلى «الجيش» نفسه الذى كان صاحب مصلحة التخلص من النظام السياسى القائم!

هكذا وصف الصديق والزميل الكاتب الكبير شريف عارف، الهدف الرئيسى من وراء حريق القاهرة، صباح يوم السبت 26 يناير عام 1952، فى كتاب رائع صدر منذ أيام قليلة، عن كتاب الجمهورية، تحت عنوان «26 يناير.. حريق القاهرة.. مدبرون ومنفذون.. الدور الخفى للإخوان فى صناعة الفوضى» فالوفد هو الهدف، والغرض هو إيقاف مشروعه الوطنى الكبير، للحصول على نموذج جديد للسلطة والحكم فى مصر. صحيح أن المحرض والفاعل الأصلى مازال مجهولًا، ولكن الأدوات كانت جماعة الإخوان، كما يقول الكتاب المهم ووثائقه التى بُذلت جهود كبيرة للحصول عليها، بهدف التدقيق، بالإضافة إلى شهادات حية لمن شهدوا المرحلة، واليوم المشئوم.. ولعل أهم هذه الشهادات، هى شهادة، أستاذنا وزعيمنا ومُعلمنا، المغفور له إبراهيم باشا فرج، سكرتير عام الوفد الأسبق، والتى وصفها شريف عارف بأنها «كانت الشهادة الوحيدة- تقريبًا- التى خرجت عن الصندوق، فهو المسئول الوحيد الذى وجه اتهامًا مباشرًا للولايات المتحدة، وهى شهادة تستحق التفكير والدراسة، خاصة أن أسانيدها قوية!».

لكن إبراهيم طلعت القيادى الوفدى المعروف كان يتهم جمال عبدالناصر شخصيًا والضباط الأحرار بإشعال الحريق للتخلص من النظام السياسى والتخلص من الوفد الذى هو لاشك الحزب الشعبى الأول!

كلام إبراهيم طلعت يستحق وقفة، ومراجعة، ويحتاج أيضًا لربطه بكلام إبراهيم فرج حول دور الأمريكان فى الحريق! فهل تحالف الأمريكان وعبد الناصر والإخوان للتخلص من الوفد؟!

من أهم وثائق الكتاب، شهادة صحفى فرنسى حصل على معلومات دقيقة، وهى الشهادة التى يقول عنها شريف عارف فى كتابه..... فى بدايات فبراير عام 1952، وبعد أيام قليلة من الحريق، حصل البكباشى «المقدم» يحيى حسن من «البوليس السياسى» على مشروع تقرير يعتزم الصحفى الفرنسى «جيان سيرلى» كتابته إلى صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، حول مشاهداته كشاهد عيان لأحداث يوم 26 يناير.

الوثيقة التى يكشف عنها الكتاب لأول مرة، تمثل شهادة لكاتب فرنسى كان بين الأحداث متابعًا وراصدًا لتفاصيل دقيقة حول ملابسات الحريق.

يقول البكباشى يحيى حسن، من القسم المخصوص بإدارة عموم الأمن العام بالعاصمة، إن الصحفى الفرنسى «جان ميرلى» أشار فى بداية شهادته حول الحادث إلى أن المتسببين فى إشعال الحرائق- وعددها مائتا حريق تقريبًا- «المدبرين» وضعوا خطتهم بـ«دقة ونفذوها بكل سهولة».. ومما سهل لهم مأموريتهم هو اشتراك البوليس فيها.. وتأخر تدخل الجيش!

ومن أهم مشاهدات وملاحظات الصحفى الفرنسى: حددت الوثيقة- على لسان الصحفى الفرنسى- أن المتهمين الرئيسيين فى الحادث هم «الإخوان المسلمون، والاشتراكيون التابعون لأحمد حسين، والشيوعيون» وأن عددًا من القيادات «السرية» كانوا يجتمعون فى منزل بالقرب من النيل، وأن الإخوان قد عضدوا وزارة على ماهر «التى خلفت الوفد» فى اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد حركة «26 يناير»، فيما أشارت إلى وجود «شبان متهورين» بجماعة الإخوان، أما الاشتراكيون فبعضهم منضم بالفعل إلى «الشعبة الاشتراكية» فى جماعة الإخوان.. وهو ما أشار إليه الدكتور محمود عساف، مؤسس جهاز معلومات الإخوان، فى مذكراته «مع الإمام الشهيد»، حول وجود اتفاق قديم فى الأفكار بين الإخوان وجماعة «مصر الفتاة» التى يتزعمها أحمد حسين! تصاعد الاتجاه «الرسمى والشعبى» نحو السوفييت فى الشهور الأخيرة من عمر حكومة الوفد، هو ما أشارت إليه الوثيقة فى الحديث عن «الهتاف للأسطول السوفييتى بميناء بورسعيد» فى مطلع عام 1952، الذى يبرز التناغم الشعبى مع الحكومة التى سعت إلى «حليف سوفييتى بديل للإنجليز»، وهو ما أفصح عنه وزير الشئون الاجتماعية الوفدى عبدالفتاح باشا حسن للمتظاهرين صباح يوم الحريق.

السؤال الجوهرى الذى طرحته الوثيقة حول تأخر «نزول الجيش» إلى الشوارع للسيطرة على الحرائق يفتح بابًا جديدًا من الجدل، خاصة عندما أكد الصحفى الفرنسى أن الفريق محمد حيدر باشا، وزير الحربية، «مخلص تمامًا لمليكه» وهو كان راغبًا فى أن «ترتبك الحكومة» فيزول حزب الوفد، وهى «رغبة الملك الحقيقية» التى بسببها تم تنظيم المأدبة الملكية بقصر عابدين فى نفس يوم الحريق وبعد يوم من «معركة الإسماعيلية» للاحتفال بميلاد ولى العهد الأمير أحمد فؤاد الثانى، والذى دُعى إليه قادة الجيش والبوليس معًا.. بينما تحترق القاهرة.

... كل التحية للزميل شريف عارف على جهده فى التوثيق.. لنشهد ميلاد كتاب جديد يكشف حقائق مهمة فى واقعة مجهولة المعلومات!