عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

في نهاية الثمانينات تعرفت على طالب امريكي، يدرس الشعر العباسي في الجامعة الامريكية، وكان طالبا ذكيا ومحبا للمعرفة، وللحياة في مصر والمصريين، وحريصا على بناء علاقات صداقة طيبة مع عدد من المثقفين والأدباء المصريين، وشاركنا كثيراً في حضور سهرات للمغني البديع الشيخ إمام.. في منازل الأصدقاء، وأقمنا في شقته التي كان يستأجرها مع أصدقاء مصريين في وسط البلد حفلة متميزة للشيخ امام والذي كان يطرب له كثيراً كما لو أنه مصري أصلي يفهم وهي «طايرة» غمزات وهمزات كلمات احمد فؤاد نجم المغناة!

ولأنني كنت الصحفي الوحيد، تقريباً، بين أصدقاء الطالب الأمريكي، كان مهتماً جداً بما أكتبه، وأذكر في أحد الأيام دعاني للقاء في مقهى الحرية بوسط البلد في باب اللوق، وكنت نشرت تحقيقاً صحفياً حول الشباب الذي يعمل في المحاجر بالجبال ويضطرون الى تركه بسبب الإصابات الخطيرة، للعمل في صناعة شواهد القبور في مقابر الإمام الشافعي والغفير.. ويومها عرفني على صحفي امريكي يعمل مراسلاً لإحدي الصحف الامريكية!

وبطبيعة الحال، تسرب الشك في نفسي من حكاية صديقه المراسل الاجنبي، وخصوصاً بعد أن أخبرنا، صديقه هذا، في البداية أنه سيقوم بدفع الحساب كاملاً، والدعوة مفتوحة، لأي نوع من المشروبات وأي كمية.. وأحسست أنه يريد أن يدفع ثمن ما يريد الحصول عليه من معلومات، ولأنني كنت ايامها «سيخاً» سياسياً بلغة أهل اليسار، وأتوجس خيفة من كل ما هو أجنبي، خصوصاً لو كان باحثاً أو صحفياً، ولذلك كنت منتبهاً لكل سؤال يطرحه، وبالتالي كانت اجاباتي لا تتضمن أية معلومات.. وما أقلقني أنه كان «يشمشم» على اية معلومة، ككلب صيد، فقد كانت أسئلته حول نواحي الحياة الاجتماعية في مصر، والاحوال الاقتصادية.. ورغم تأكدي أنه يريد أن يكتب تقريراَ صحفياً لجريدته لا أكثر من ذلك.. فإنني كنت متحفظاً معه كما لو انه جاسوس! 

والحقيقة إن المراسلين الأجانب في مصر يعتمدون في قصصهم الإخبارية وتقاريرهم على معلومات يحصلون عليها من صحفيين مثلهم أو بالاتصال بصغار المسئولين أو بنواب في البرلمان بدعوى اجراء حوار معهم ولكنهم في الحقيقة يحاولون الحصول من اجاباتهم على معلومات يمكن أن تفيد في تقاريرهم، وبالطبع لا ينشرون هذه الحوارات، وكذلك يستقون معلوماتهم من شخصيات عادية على المقاهي حتى ولو كان ماسح احذية.. ويتوقف أسلوب عرض هذه التقارير الصحفية التي تنقل، عادة، جوانب من صور الحياة في مصر، حسب توجه إدارة الصحيفة الأجنبية من مصر.. ومنها ما هو معادٍ لسيطرة اللوبي الصهيوني الإخواني عليها مثل نيويورك تايمز الأمريكية، التي قامت مؤخراً بتقليد المقلب الذي وقعت فيه نيكي هيلي مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة، عندما اتصل بها مذيع روسي ساخر وخدعها بأنه رئيس وزراء بولندا وشربت المقلب الذي اظهر جهلها.. وبنفس الطريقة، وبالتواطؤ مع الإخوان تم استخدام أحدهم للاتصال ببعض الإعلاميين وايهامهم بأنه ضابط مخابرات.. الى آخر الحكاية البائسة التي هدفها الوحيد تشويه الحالة في مصر وتدميرها من الداخل.. وهو هدف لا يختلف كثيراً عن جرائم الإرهابيين، الذين يستخدمون القتل سلاحاً، بينما الصحفيون الاجانب يستخدمون الكلمة للقتل!!

[email protected]