عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

ثمة خلاف واضح بين المفكرين وعلماء الاجتماع بشأن علاقة، منظمات المجتمع المدنى بالأحزاب، أى بالعمل السياسى المباشر يرى البعض أنه لا توجد علاقة لأن الهدف من وجود هذه المنظمات  هو القيام  بالمهام التى لا تتدخل فيها الدولة الرأسمالية مثل الأمور الفكرية والثقافية عامة والتعليمية..  الخ، ومن ثم فإن  هذه المنظمات ينبغى أن تكون على مسافة مع أجهزة الحكم، والعمل السياسى.

أما الرأى الآخر فيزيل هذه المسافة، ويرى أنها مهما طالت  يظل كل «تنظيم» هو بالضرورة يعمل بالسياسة،  كما يرى أن الأحزاب ذاتها هى منظمات مجتمع مدنى فهى بالضرورة «مدنية» أى ينبغى أن تكون حديثة تنطلق من قيم الديمقراطية والفردانية وليست على أسس تقليدية «دينية أو قبلية أو طائفية» لذلك فهذه الأحزاب تقوم بجانب العمل السياسى بأنشطة اجتماعية وثقافية بل وحتى خدمية.

كذلك فإن نشاط المنظمات ينطلق ـ بالضرورة ـ من فكر بل وعقيدة تقود وتوجه حتى لو كانت مختفية أو كافية كما هو الحال  مثلاً فى المدارس والجامعات الخاصة والأندية والجمعيات الثقافية، وأهم هذه الأفكار والعقائد أنها تؤمن بالديمقراطية والحرية، لأنها بنت المجتمع الرأسمالى، هنا نصل الى لب الموضوع الذى يجعلنى أنفى وجود منظمات مجتمع مدنى بالمعنى الحقيقى فى مصر «وفى معظم بلدان ما  يسمى بالعالم الثالث» باختصار لأننا لسنا مجتمعاً رأسمالياً، سواء فى التشكيلة الاجتماعية أو فى طبيعة النظام الحاكم.

كما سبق أن قلت، قضى محمد على على إمكانيات كانت موجودة قبل الحملة الفرنسية لقيام «برجوازية» مصرية قا درة، إذا سمح لها بالنمو ـ على قيادة مجتمع رأسمالى حديث وأصيل، وفرض طبقة وسطى تابعة لأهدافه، وللنموذج الرأسمالى الغربى «والفرنسى بالذات»، ومنذ ذلك التاريخ ظلت الشرائح المختلفة من الطبقة الوسطى تابعة على المستويات الاقتصادية والذهنية «وهذا هو الأهم» للنموذج الأوروبى وللحاكم أياً كان توجهه، بل إن الحاكم نفسه لم يكن داعياً بأى توجه على نحو واضح بما يريد، وكل ما نفذ من سياسات على مدى قرنين سواء سمى بالمرحلة الليبرالية أو الناصرية «الاشتراكية؟؟» المرحلة الليبرالية الجديدة والسادات.. حتى الآن، كان خليطاً «أى بزرميط».

فى كل هذه المراحل كانت هيمنة الدولة واضحة ومتحكمة فى كل شىء، بما فيها المنظمات المسماة بالمجتمع المدنى، سواء فى قوانين إنشائها أو فى ممارساتها وأنشطتها، ومن ثم فى مردودها وفائدتها للمجتمع ككل وهنا أضرب مثلاً فادحاً من مجال عملى، وهو مثل ليس وحيداً وأقصد اتحاد  كتاب مصر، الذى كان ينبغى أن يكون نقابة لكتاب مصر.. ولنا أن نتخيل لو كانت هناك نقابة لهذه الفئة واسعة العدد والتأثير فى وعى المصريين  والعرب، هل كان حالنا الثقافى على ما هو عليه الآن.

كانت الحركة الثقافية فى أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، فى غاية النشاط الى درجة عقد مؤتمر الأدباء فى الزقازيق سنة 1968 حضره ألف كاتب ومن ثم بدا أمام النظام خطورة الظاهرة فسعى الى احتوائها بإنشاء «اتحاد الكتاب» وهذا «الاحتواء» كان أول قيد على الحركة الثقافية ووضع له قانوناً يقيد حريته وحركته، والأهم مصادر  تمويله، فأصبح هذا الاتحاد منذ نشأته، وحتى الآن، عاجزاً عن تقديم الخدمات الأساسية لأعضائه أو للكتاب عامة، ناهيك عن المجتمع ككل.

ختاماً أقول انه ليس لدينا ـ وربما لن تقوم ـ منظمات ـ مجتمع مدنى، لأننا لسنا مجتمعاً رأسمالياً، ولن نكون.