رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فين؟

 

 

 

قرأت خبراً صغيراً قد لا يلفت نظر الكثيرين، لكنه فى الوقت نفسه مهم للغاية.. وقررتُ أن أفرد له هذه المساحة لأنه «تصرف شجاع».. يقول الخبر إن أهالى طوخ تحفظوا على «كراكة الرى» لأنها تسببت فى كسر كوبرى بقرية طنط الجزيرة على ترعة غزال.. لم يتركوا سائق الكراكة يهرب، ولكنهم قرروا إبلاغ المحافظة بالواقعة، لإصلاح الكوبرى على «نفقة الرى»!

ولا أعنى أن يتم الاشتباك مع موظفى الحكومى، ولا أدعو إلى ثورة، أو أى تصرف خارج القانون، ولكن أدعو أن تمارس «الرقابة الشعبية» دورها فى الحفاظ على المال العام.. وتخيلوا أن هؤلاء الأهالى أكثر شجاعة منا فى الجيزة فقد نري كثيراً بلدوزر الحى يرفع القمامة ويكسر الرصيف، ولا نفعل شيئاً.. خشية أن يقال إننا نستغل نفوذاً أو نسعى إلى شهرة أو نفتعل خناقة!

صحيح أن تطهير الترع يتم بالكراكات التابعة للرى.. لكن هل رأيتم من قبل أن الحى يستخدم المعدات الثقيلة لرفع شوية ورق أو أكياس قمامة بسيطة، كان يرفعها عامل النظافة فى عربة بسيطة أو صندوق بسيط؟.. هل تندهشون حين تُستخدم معدات الحى فى رفع مخلفات بسيطة، أم ان هذا هو العادى؟.. هل تتخيلون ماذا يفعل البلدوزر فى الأرصفة والاسفلت فى الشوارع بعد تجديدها؟!

وذات يوم، كنتُ أريد أن أفعل ما فعله أهالى طوخ مع كراكة الرى.. لم تواتينى الشجاعة.. سيقولون ده موظف غلبان.. هى جت على المسكين ده؟.. فقررت أن أتناقش بهدوء مع مشرف الحملة.. هل معقول بترفعوا الزبالة بالبلدوزر؟.. هل معقول تكسير الرصيف كده؟.. قال صاحبنا: هنعمل إيه؟.. إحنا بنساعد الهيئة.. طب فين عربة عامل النظافة؟.. سكت الرجل ومضيت!

الفرق بينى وبين أهالى طوخ أنهم تأثروا بشكل مباشر.. كسر الكوبرى يعنى إصابة القرية بالشلل.. فكانت النتيجة أنهم لم يفكروا كثيراً.. تحفظوا على الكراكة أو احتجزوها لحد ما يبان لها صاحب.. فمن اتلف شيئاً عليه إصلاحه.. هذا هو الحل ولا شيء غيره.. تصرف إيجابى محترم.. أما فى حالتى فقد التزمت بالاستفسار وهو تصرف إيجابى باللسان أيضاً لكنه لا يكفى بالمرة!

أشياء بسيطة لو تركناها تكلفنا كثيراً.. أحياناً اتصور ان الحى يتلف بعض الأرصفة ليعيد تكسيرها وبنائها من جديد.. وساعات أشعر أن هناك «بيزنس» اسمه تكسير الأرصفة والأسفلت وإعادة بنائها.. لو ترك أهالى طوخ الكراكة تمضى سوف يكسر سائقها جميع الكبارى على الترعة.. هكذا نبدد الملايين بالإهمال.. والرقابة الشعبية يمكن أن تعوضنا عن إهمال الأجهزة الحكومية!

الإهمال هو الذى يجعلنا نقف فى «المربع صفر».. الفساد اقل تكلفة من الإهمال.. اذهب إلى أى مصلحة حكومية ستجد أن الإهمال يدمرها قبل الفساد.. صحيح أننى مارست حقى الرقابى بالكلام، وأمارسه الآن بالكتابة، لكن أهالى طوخ مارسوه بالفعل.. تحفظوا على الكراكة.. تصرف شجاع!