رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

في هذا المكان المفترض لسكن شخصين فقط لا غير حسب القانون في بريطانيا كانت شقة «السعدني» تحتضن يومياً أكثر من خمسين بني آدم وارد كل بلاد العرب هناك اجتمع كل عابر ببلاد الانجليز وأغلب المقيمين هناك وكما كانت خيمة «السعدني» الكبير في نادي الصحفيين تضم النخب ومعهم جميع طبقات المجتمع المصري تحولت أيضاً شقته في لندن ولذلك ستجد هناك سكرتير الرئيس للمعلومات في ذلك الوقت الدكتور مصطفي الفقي والذي زار نفس الشقة وهو سكرتير ثالث للسفارة المصرية في لندن وكان يومها بصحبة السيد محمود أبو وافية قريب الرئيس «السادات» في هذا التوقيت ظن الدكتور مصطفي الفقي ان هناك لوما وعتابا وطحنا ونزالا سوف يحدث بمجرد لقاء «أبو وافية» مع «السعدني» وكان هذا الكلام في السبعينيات من القرن الماضي، ولكن بمجرد ان فتح «السعدني» وشاهد «أبو وافية» أمامه.. وعلي طريقة «السعدني» يطلق شتائم المحبة للمقربين من الأصدقاء فقال اه  يا ابن.... واحتضن الرجلان بعضهما البعض وكادت الدموع تنفجر واندهش الدكتور «مصطفي» لهذا اللقاء الحار بين الحكومة والمعارضة علي أرض الانجليز.. وقال في سره.. والله ما في أوسخ من المعارضة إلا الحكومة وأطلق بدوره ضحكة مجلجلة من القلب وهنا التفت إليه «السعدني» وسأل مين البيه.. فقدمه «أبو وافية» علي إنه الدكتور مصطفي الفقي، السكرتير الثالث بالسفارة المصرية، وعلي الفور قال «السعدني» آه.. مخبر يعني.. ومرة أخري يضحك الدكتور مصطفي الفقي الذي لم ينفصل عن «السعدني» مطلقاً منذ ذلك اليوم أقول إلي جانب الدكتور مصطفي الفقي كان هناك ولد مصري صايع جميل عاشق لكل ما هو مصري وعربي اسمه رمضان السرساوي وواحد أصيع منه ألف مرة بل هو أصيع رجل في العالم اسمه «مجدي» يناديه العرب بـ«مجدي» باتيناج نظراً للصلع الذي قضي علي كل شعر «مجدي» في شبابه المبكر ولكن «مجدي» اكتسب في بيتنا لقب «سعدني» منحه اياه ابني الأكبر «محمود» فأطلق عليه «مجدي» منظر ومن يومها أصبح هو لقبه الذي يناديه به كل أصحابه ومحبيه كان «مجدي» يجيد سبع صنايع بدون ايه مبالغة ولكن البخت بالفعل ضايع فهو يعمل من أجل أن يوفر المأكل والمشرب وكل ما يحلو له أو يخطر علي كيفه فإذا اكتفي نسي العمل سواء كان شغل كهرباء أو سباكة أو حدادة أو بناء أو حتي طبيخ أو قص الشعر فإذا هو عمل لدي سعادتك في أي شغلانة وقبض الفلوس التي تكفيه.. فهو هنا يكتفي بما أنجزه من عمل فلا يتردد علي المكان لاستكمال العمل إلا إذا ضافت به السبل من جديد وبالإضافة إلي هؤلاء كان يمر بـ«السعدني» فنان الكاريكاتير المصري الجميل سعيد الفرماوي وإذا جاء «الفرماوي» اطمأن يسري حسين وهو صحفي مصري مقيم هناك وجاء لأنه ضمن توصيلة ليلية بدون مقابل ذلك. سهرة «السعدني» لها أصول وقواعد فأنت حر تأتى في أي وقت تشاء ولكن الخروج من شقة «السعدني» يحتاج إلي تأشيرة دخول شأنه شأن العراق أيام صدام حسين إذا أردت دخول العراق فأهلاً بك وسهلاً.. ولكن ساعة الخروج من العراق هناك تأشيرة اسمها الخروجية سوف تدوخ دوخة الأرملة قبل أن تستطيع الحصول عليها.. وهكذا أيضاً سيكون مصيرك إذا فكرت في الخروج من الشقة قبل الفجر.. وعليه كان «يسري» سعيداً جداً بوجود «الفرماوي» فهو سوف يركب معه السيارة الفريدة والوحيدة من نوعها التي تجوب الشوارع الانجليزية وهي سيارة فيات ريتمو ليس لها قطع غيار وسوقها مضروب في بريطانيا ولا أحد يقبل علي شرائها أو يقتنيها سوى سعيد الفرماوى لذلك كلما احتاج الى قطع غيار أرسل الى الأهل والأحبة والأصدقاء فى المحروسة مصر لكى يرسلوها اليه مع أى قادم لبلاد الإنجليز وبالاضافة الى هؤلاء كان هناك صحفى مصرى لا أود أن اذكر اسمه.. ذات يوم كان عندنا عمرو أديب ولم يكن نجمه قد بزغ بعد فى مجال الإعلام ولكن عمرو كان شخصاً طريفاً يمتلك قدرة فائقة على الحوار وهزيمة محاوريه.. ذات يو م دخل مع الصحفى اياه فى مبارزة ثقافية.. استعرض فيها الأخ «ع» صولاته وجولاته فى المسارح البريطانية وقال لعمرو أنا شوفت مسرحيات بقدر شعر  رأسك الموجود والذى سقط.. فرد عليه عمرو وقال.. وأنا إن شاء الله  هشوف مسرحيات بعدد سنواتك الكثيرة، اللى راحت والقليلة اللى باقية فانطلق الجميع يضحكون لكلمات عمرو بعضهم وعلى طريقة كبير الرحيمية قبلى «سجفوا» لعمرو أديب هذا الصحفى كان يعمل فى جرائد بريطانية  وسرب خبراً كاذباً جر على العراق ويلات لا حدود لها.. يومها قال له السعدنى ازاى تكتب من بلد عربى الكلام اللى يودى فى داهية د ه.. فأجاب ده خبر صحفى يا عم محمود.. وأنا صحفى فقال له السعدنى قبل ما تبقى صحفى أنت عربى يا أخى.. يعنى شغلك أهم ولا توريط بلد عربى أهم.. فقال أنا المهم عندى امارس شغلى طبعاً وبعد هذا الحوار وكان بالطبع بيت الولد الشقى مفتوحاً على الدوام يقدم الوجبات الثلاث وكلها وجبات مصرية فاخرة.. من الفول والطعمية والبصل الأخضر والبتنجان المخلل والجبن الدمياطى وفى الغداء الطواجن التى كان كل سكان العمارة يعترضون على رائحتها يومياً ولكن حراس العمارة لم يكن أحد منهم يجرؤ على توصيل هذه الاعتراضات للسعدنى أما العشاء فكان أيضاً يتكون من طواجن الحمام واللحمة والفراخ.. أقول بعد ذلك الحوار مع الحمار الدولى كما أطلق عليه السعدنى.. كان الحاج إبراهيم نافع الفلاح يتولى الإشراف على ما ينتجه المطبخ السعدنى من مأكولات.. فى اليوم التالى جاء الصحفى اياه وقال فين الطاجن..  رد عليه العم ابراهيم.. ما فيش يا ابنى طواجن النهاردة ثم عاد ليسأل طيب فين الفول.. فصمت الحاج ابراهيم نافع قليلاً وقال ما حدش نزل يا ابن النهاردة معلش مافيش فول. فقال الولد اياه.. طيب حتة جبنة دمياطى.. فضحك العم ابراهيم وقال.. احنا يا ابنى جالنا تقشف فجأة ومافيش أى حاجة عندنا والطواجن لأول مرة فى بيت عمك محمود فى المطبخ نضيفة ومغسولة والثلاجة بتسقع ميه.. أجيب لك ميه..

وهنا أدرك الولد إياه واستوعب الدرس.. فالذى يعلى مصلحته على مصلحة بلاد العرب بل ويسرب اخباراً من شأنها الإضرار بأى بلد عربى.. ليس له مكان فى بيت «السعدنى» ولا هو مرحب به على مأدبة السعدنى ولا وسط دراويشه!!