رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

استوقفنى وأنا أقرأ إحدى الكتابات عن السياحة، أننا نؤجر لأفواج الصينيين القادمين إلينا، نؤجر لهم الفنادق المحترمة بـ10 دولارات فى الليلة الواحدة، أى ما يساوى 170 جنيهًا، ولاشك أن كل من قرأ هذا قد هاله الأمر وأثار حفيظته. ففنادقنا فى أطراف البلاد لا يقل ايجار الصالح فيها عن ألف جنيه وألف وخمسمائة، ناهيك عن فنادق القاهرة التى قد يصل ايجار بعضها 5000 من الجنيهات.

وقد قادتنا الدهشة إلى التساؤل عن السبب، هل جال بخاطر الشركات أن خفض الإيجار هكذا يزيد من أعداد السياح، أم أن هذا مظهر من مظاهر التنافس البغيض بينهم. الحقيقة أن الاقبال لن يزيد بهذا الخفض المعيب. الخفض الحميد قد يكون له توابعه الحميدة بحيث لا يصل إلى حد النزول إلى أسفل سافلين. والدليل على ذلك أن الرواج السياحى يعم الدول الغنية التى ينفق فيها المال الجم أكثر مما يعم الدول الفقيرة، ولو بحثنا عن أكثر الدول سياحة فى العالم لوجدنا أنها (فرنسا) التى وصل السائحون إليها 76 مليونًا بينما اليمن التى تلهث للحصول على سياح لا يصل إليها أكثر من 0.8٪مليون من راغبى التجوال، فالخفض المعيب ينقص من قدر الدول، ويزيد من الأطماع فيها، وقد تكون مراوغة روسيا فى دفع سائحيها إلينا راجع إلى هذا الطمع، وأملاً فى المساومة واقتناص أقصى ما يمكن الحصول عليه لأبنائها. ثم إن رخص الرحلات الفاضح لن يجلب إلا الخاوية جيوبهم، ونحن أحوج بمن بيده المال لينفق داخل البلد ما يفيض على كل من له صلة بالسياحة.

ويكفى أن نعلم أن لبنان لا يدخل السائح فيها إلا إذا ملك فى جيبه الخاص ألفين من الدولارات فما فوق، وهذا يقنعنا بأن التخفيض الساحق للإقامة ليس هو الذى سيجلب السياح إلينا.

أما العوامل الحقيقية التى توسع رقعة السياحة فهى الواجبة لاهتماماتنا. وإذا كنا نعتمد لإنقاذها على ما عندنا من أهرامات وما حولها، والأقصر وما فيها من 1/3 آثار العالم فهذا وهم. لأننا إلى جانب السياسات العامة للبلد والتى يجب أن نتلافى فيها العداوات مع الدول حتى لا نجعلها تحرّم على أهلها زيارتنا، وإلى جوار الأمن الذى يجب أن نوفره لبث الاطمئنان إلى نفوس من يحضر عندنا، يجب أن نفعل الكثير لكى نرغب الناس فى رؤيانا، فلا نجعل الآثار مثلاً مهملة وسط صحراوات مقفرة، وفى بنية تحتية لا رقىّ فيها ولا متعة. فنمهد الطريق الجذاب الذى يوصل إليها، ولا نتركها وحدها شامخة دون أن يحيطها ما يدعو إلى الأعجاب. ولا نحرم هذا كله من وسائل نقل مُنجزة وخالية من أى استغلال يشوبها. إلى جانب الاستقبال الحسن والبسمات المشرقة لكل زائر يزور الأرض والآثار. وأكبر دليل على ذلك تدفق السياح على أماكن خلت من أى آثار (كديزنى لاند) فى أمريكا، التى يفد إليها وحدها أكثر من 14.7 مليون لمجرد اللهو وقضاء الأوقات السعيدة، (وشلالات نياجرا) فى كندا وتوابعها المحيطة بها التى تزخر بسائحين لا يقلون عن ديزنى لاند ـ بل إن مدينة مثل (لاس فيجاس) لا تتأهل إلا بمطاعم يجد فيها الزوار ما لذ وطاب، وما يُسيل اللعاب، نجدها تغص بملايين الزائرين الذين يشتهون الأكل وملء البطون.

فلننبذ إذن الرخص المجحف معتمدين على آثار لا تصان ولا تجمّل ولنقم بكل جهد متاح فى إتمام إنجازات براقة هنا وهناك حتى نرجع السياحة ولو على الأقل بالتسعة ملايين زائر الذين كانوا يفدون إلينا بعملتهم الصعبة قبل هذه الأعاصير التى تمر بنا.

 

الأستاذ بطب بنها