تتصارع أحزاب وتنظيمات دينية على امتلاك أكبر مساحات لأرضية فكرية فى أوساط المُجتمعات الاسلامية فى الدول الأوروبية ، فى مُقدمتها ثلاثة مؤسسات هى : حركة الاخوان المسلمين " ذات الهوية المصرية " التى لها حتى الآن عناصر قيادية نشطة من الصف الثانى ، تقوم بدور تأهيل قيادات من الشباب الجيلين الثانى والثالث لأبناء المهاجرين المُسلمين الذين قدموا لأوروبا منذ الستينات وأتخذوا من بلادها موطناً أساسياً لهم ، وتعتمد حركة الاخوان بالدرجة الأولى على المصريين . ويأتى فى الدرجة الثانية حزب العدالة والتنمية " التركى " الذى يستهدف الجاليات التركية فى أوروبا ، وخاصة فى المانيا ، التى يعيش فيها نحو ثلاثة ملايين من ذوي الأصول التركية من أصل 15 مليون تركي مهاجر، ومن بين هؤلاء نحو 27% لهم وجود منذ ثلاثين عاما أو أكثر، إضافة إلى 5% يعيشون بألمانيا منذ حوالي عشرة إلى ثلاثين عاما ، وتؤكد المعلومات ان أكثر من 50% من هؤلاء من مؤيدى توجه الاسلام السياسى لحكومة تركيا فى الداخل والخارج . أما حزب النهضة التونسى فانه يتحرك داخل صفوف أبناء شمال أفريقيا فى أوروبا من أصول جزائرية وتونسية ومغربية ، وتقدر أعدادهم بحوالى 4 مليون فى الدول الأوروبية ، ويعود استهداف حزب النهضة لهؤلاء لوجود مقومات متشابهة فيما بينهم ، وذلك نظراً لأن كل من تونس والمغرب والجزائر دول جوار جغرافى . والأرضية الفكرية الاسلامية من حيث المبدأ ليست هى فى الأساس المشكلة ، حال تقديمها او التعاطى معها دون تطرف ، لكن الخطورة هى غرس الأصولية فى نفوس الشباب كخطوة نحو التشدد ، الذى يؤدى الى درجات عالية من التطرف الذى يصل لحد تبنى هؤلاء أساليب العُنف الذهنى ويكون من السهل تجنيد بعضهم لإرتكاب أعمال اجرامية ارهابية باسم الدين ، سواء داخل الدول الأوروبية أو فى البلاد العربية الاسلامية . يأتى ذلك فى ظل غياب أدوار فعالة لوجود مراكز ثقافية أو علمية أو دينية مُعتدلة تقوم بنشر الأفكار الدينية الوسطية الاسلامية ، وهو الأمر الذى أفسح المجال لتسويق التطرف بين أبناء المسلمين فى أوروبا ، التى تنتشر فى مساجدها مكتبات تضم كُتب ومؤلفات لـ ( أبو الأعلى المودودى – سيد قطب – حسن البنا – يوسف القرضاوى ) حتى ان بعض المكتبات فى السجون يوجد بها مثل هذه الكُتب والمؤلفات لهؤلاء . والى جانب أفكار التطرُف هناك تيارات الإسلام السياسي ، التى يصفها البعض بانها كارثة في أوروبا ، لأنها تصور نفسها على أنها مدافعة عن هوية الأمة الاسلامية ضد العولمة ، بينما هى فى حقيقة الأمر قد تجاوزت العلوم الانسانية والاجتماعية ، وأصبحت تلك التيارات مصدر قلق لأوروبا والدول الاسلامية فى ذات الوقت . [email protected]