رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

 

مع رؤساء على شاكلة دونالد ترامب، تنتظرنا العديد من المفاجآت التعيسة من واشنطن، لن يكون اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل أشدها خطورة وأكثرها مرارة، ففى نهاية المطاف سواء بعد سنة أو بعد عشرين سنة، سنكون – إذا استمرت ردود أفعالنا كما هى عليه الآن - أمام المفاجأة الأخيرة وهى هدم المسجد الأقصى نفسه، ليتمكن المتطرفون اليهود من بناء هيكل سليمان مكانه!

ترامب الذى يؤمن بمبادئ دينية تعتنقها كنائس تابعة لطائفة الإنجيليين فى أمريكا بضرورة مساعدة اليهود ودعمهم للتعجيل بالنزول الثانى للمسيح على الأرض، يرى أن سيطرة اليهود على القدس الشرقية يجعله مسيحيا جيدا قريبا من الله، كما يؤمن له أصوات ونفوذ ناخبيه من المتشددين الإنجيليين، ليقفوا بجانبه ضد محاولات عزله من منصبه، و كذلك تأييدهم له فى الانتخابات المقبلة إذا قرر الترشح فيها.

الواضح حتى الآن أن سياسات ترامب فى الشرق الأوسط، تنطلق من مفاهيم دينية متطرفة، تستند إلى تفسيرات معينة لنبوءات الكتاب المقدس، منها ما يتعلق بقيام حرب كونية عظمى يشارك فيها ملايين البشر، ويقتل فيها ثلثا اليهود، ويبقى الثلث الآخر ليعترفوا بالمسيح ويكفروا عن ذنبهم بصلبه، ثم يقيم المسيح ملكوته على الأرض لمدة ألف سنة تنعم فيها الأرض بالسلام، وبعدها يأتى يوم القيامة حيث يعذب الكافرون بالمسيح فى جهنم، ويعيش المؤمنون به حياة أبديه فى ملكوت السماء.

هذه الأفكار الدينية التى  ينفذها ترامب، وتعارضها كل  الكنائس الأخرى وعلى رأسها الأرثوذكسية والكاثوليكية، تنسف تماما أى مصداقية لإدارته فى لعب دور الوسيط فى المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فالرجل فى قرارة  نفسه داعية حرب لا سلام، ومنحاز لإسرائيل على طول الخط، أو على الأقل هو ينفذ دوره فى خطة إقامة إسرائيل العظمى بمنتهى الهمة والإخلاص، ليبيع للعرب وهم السلام مع إسرائيل، ويتركهم حائرين بفك طلاسم وألغاز ما يسمى بـ«صفقة القرن»، بالإضافة إلى انشغال حكوماتهم بالحرب ضد التنظيمات المتطرفة التى يوفر لها تطرف ترامب كل المبررات لتقوم بأعمالها الإرهابية المشبوهة ضد الجميع مسلمين ومسيحيين عربا وأجانب، دون أن تطلق رصاصة واحدة، ولو على سبيل الخطأ،تجاه إسرائيل!

ما يجب أن ندركه كعرب  أننا بحاجة إلى مراجعة كل استراتيجياتنا السابقة التى وضعت 99% من أوراق اللعبة فى يد أمريكا، وأن نفهم جيدا أن استرجاع القدس وحماية الأقصى لن تتحقق إلا ببناء مجتمعات عربية متقدمة اقتصاديا وثقافيا وديموقراطيا، وباتفاق دولها على انهاء خلافاتها السياسية والمذهبية العبثية، لكى تستطيع أن تواجه تحديات خارجية لا تريد الخير لها أو لشعوبها، بل تستهدف نشر الفتنة فيما بينها لتستمر طاحونة النزاعات والحروب العربية مستمرة فى الدوران.