عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صوت حر

 

رفضت التعامل مع المنظمات غير الحكومية رفضًا باتًا انطلاقًا من مبدأين: الأول هو أن العمل العام ينبغى أن يكون تطوعيًا مائة بالمائة، وأن أى نشاط عام ينبغى أن ينفق عليه المستفيدون منه (العمال أو الفلاحون أو غيرهم من الفئات) وكان دليلى هو المشروعات المهمة التى تمت فى مصر الحديثة مثلا مشاريع التبرع الأهلى لبناء جامعة فؤاد الأول، أو إقامة تمثال نهضة مصر، وكان التبرع يضفى قيمة رمزية شعبية على قيمة المشروعين التعليمية والفنية النهضوية. ومازلت أفخر أننى أنتمى إلى جامعة القاهرة التى بنتها قروش الفقراء مع تبرعات الأميرة فاطمة بنت إسماعيل.

المبدأ الثانى هو أننى أرفض أجندة الممولين، والتى تنطلق من مصالح أوروبية مباشرة. فمثلاً الاهتمام بقضايا الجندر ينصب على توعية المرأة بأضرار الإنجاب المتعدد، لأن أوروبا تخشى من كثرة أعداد الافريقيين، الذين يمثلون ضغطًا هائلاً (عبر الهجرة غير الشرعية، على نقاء المجتمعات الأوروبية وسلامتها).

فى نفس الوقت كانت القضايا الملحة بالنسبة لنا غائبة تمامًا مثل الدفاع عن حقوق الفقراء فى كل المجالات، أراجع مقال فاطمة رمضان: من أجل علاقة صحية بين العمال والمجتمع المدنى للشروق 17/11، والأهم العمل على بناء حزب اشتراكى حقيقى قوى قادر على تمثيل هؤلاء الفقراء على الساحة السياسية، تمثيلاً يليق بحجمهم الأكبر فى المجتمع،

ويمارس العمل السياسى بهدف الوصول إلى السلطة كما فى كل المجتمعات (الديمقراطية) ثلاث مرات قبلت المشاركة مع هذه المنظمات (المرأة الجديدة)، (دار الخدمات النقابية)، (أحد المراكز البحثية لا أريد أن أذكر اسمه)، وحين رفضت قبول المكافأة المجزية على مشاركتى، وتبرعت بها لأنشطتهم، قبلوا التبرعات الأجنبية لكثير من الجماعات والجمعيات التى كنت قياديًا فيها، مثل اللجنة المصرية للدفاع عن حرية الفكر والاعتقاد، والتى كانت تستضاف فى أحد مراكز حقوق الانسان الممولة من جهات أجنبية، وكذلك اللجنة المصرية لمناهضة العولمة «أجيج».

وعلى هامش هذا المبدأ الثانى، كان واضحًا أن التمويل والدعوة للمشاركة فى مؤتمرات خارجية فخمة، يهدف إلى تأسيس نخبة شبه سياسية نقيض بل بديل للنخبة السياسية التى كان ينبغى أن تكون فى المجتمع. وهكذا همش العمل السياسى المعارض، بفعل هذه النخبة الجديدة التى حاولت السيطرة أيضًا على «الحركات» الاجتماعية (وهو مفهوم سوف نشير إليه فيما بعد) مثل «كفاية» و«الجمعية الوطنية للتغيير» التى كان لها دور فى التمهيد لثورة يناير 2011، فجاء دورها ملتبسًا)، ومن ثم غير قادر على قيادة هذه الثورة، ما أدى إلى ما انتهت إليه.

مفهوم المجتمع المدنى

حين قلت فى مقالى الأول فى هذه السلسلة إن الوفد أهم منظمة مجتمع مدنى فى مصر، كنت أقصد ما أقول بالضبط. فهو قد نشأ كمنظمة مجتمع مدنى تحولت إلى حزب، ثم عادت مرة أخرى ـ الآن ـ إلى منظمة  مجتمع مدنى مثل كل الاحزاب الآن، للأسف، وهذا يحتاج إلى توضيح ربما لما قبل نشأة حزب الوفد بقرن والنصف من الزمان، أى ما قبل الحملة الفرنسية على مصر، أى نحو منتصف القرن الثامن عشر.

تؤكد المدرسة الجديدة والتى بدأت منذ أكثر من نصف قرن بدءاً من بيترجران وثيموتي، وميتشل ونيللى حنا ورؤوف عباس، وعبدالرحيم عبدالرحمن وغيرهم (رغم الاختلافات بينهم) التى يبدو أنها توقفت للأسف الشديد، تؤكد هذه المدرسة أن مصر قد شهدت فى القرن الثامن عشر نهوضا اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا (بسبب ضعف الامبراطورية العثمانية) وتمثل ـ فيما يخص موضوعنا الراهن ـ فى ازدهار فئات اجتماعية مثل علماء الأزهر والتجار ونقباء الطوائف والاشراف، أخذت فى قيادة المجتمع، وهى التى قادت حركة مقاومة الحملة الفرنسية. وهذه الفئات كانت مؤهلة لتشكيل ما يسمى الآن بمنظمات المجتمع المدنى، لولا أن نظام حكم محمد على قد قضى عليها بهدف انشاء فئات جديدة تابعة له وخاضعة لمفهومه التابع لما سمى بالدولة الحديثة أو عصر النهضة، وهو بعيد كل البعد عن الحداثة والنهوض.

وهو موضوع سبق أن وضحناه تفصيلاً فى كتبنا ومقالاتنا من قبل، ما يهمنى هنا هو أن أؤكد أن بعض هذه المنظمات المشار إليها، وخاصة نقباء الطوائف كانت تقوم على الأسس الحديثة لمنظمات المجتمع المدنى المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالدول الرأسمالية التى تقوم على طبقتين هما الرأسماليون والعمال، ولكل منهما ـ بالضرورة، تنظيمات ترعى مصالحها وتدافع عنها، مثل جمعيات رجال الأعمال، والنقابات والأحزاب، وغيرها بالطبع.

وتخضع قضية انتماء الأحزاب إلى منظمات المجتمع المدنى لنقاش حاد بين الاتجاهات الفكرية والسياسية المختلفة. ومصدر الخلاف هو علاقة هذه المنظمات بالسياسة أو العمل السياسى. وهو ما يحتاج إلى توضيح.