رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

منذ تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية فى أوائل العام الحالى، بل وقبل ذلك وفِى أثناء حملته الانتخابية، وهو يردد على أسماعنا شعاره الأثير، أمريكا أولاً. ولكن مع مرور الأيام وتدافع الأحداث فإننا نستطيع القول بكل ارتياح إن ترديد هذا الشعار بعيد كل البعد عن واقع حال الرئيس الأمريكى وما يؤمن به من أفكار سياسية وما يسعى إلى تطبيقه على أرض الواقع. ومثلما شرح هو فى العديد من خطبه السياسية، فإن أمريكا أولاً تعنى أنه يضع المصلحة القومية الأمريكية كأولوية عند اتخاذ اَى قرار، ويعنى ذلك أن قراراته لا تتأثر بأى مصالح حزبية ضيقة ولا بقوى خارجية مؤثرة، ولا بجماعات الضغط واسعة النفوذ داخل المجتمع الأمريكى.

وبالنظر إلى مواقف الرئيس «ترامب» العديدة، نجد أنه لم يضع المصلحة الأمريكية أولاً فى كثير من المواقف. بل على العكس، فقد كانت انحيازاته دائماً إلى أصحاب المصالح الكبرى أو جماعات الضغط، وهو ما تجلى فى انسحاب أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ، أو الانحياز إلى مصلحته الشخصية متمثلة فى قاعدته الانتخابية التى أوصلته إلى سدة الحكم على غير توقع. وفِى أحدث واقعة، انحاز دونالد ترامب إلى المرشح الجمهورى روى موور على مقعد مجلس الشيوخ فى ولاية آلاباما، على الرغم من الاتهامات الموجهة إليه بانتهاك عرض قاصر عمرها أربعة عشر عاماً، فضلاً عن التحرش بالعديد من النساء. وهكذا دائماً نجد انحيازات الرئيس الأمريكى عكس الاتجاه الأخلاقى.

ولذلك لم يكن إعلان ترامب موافقته على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل، مفاجئاً. فقد كان القرار أحد الوعود الانتخابية التى أطلقها قبل أن يصبح رئيساً. صحيح أنه لم يف حتى الآن بأى من الوعود الكثيرة التى أطلقها. فلا استبدل نظام الرعاية الصحية المعروف باسم أوباما كير، ولا أقام سوراً بين بلاده والمكسيك، ولا حقق أى إنجاز له أهمية يعتد بها رغم مرور ما يقرب من عام كامل على رئاسته. وربما كان ذلك أحد الدوافع الرئيسيّة وراء اتخاذه قرار القدس فى هذا التوقيت. أى أنه اتخذ القرار لافتقاره إلى عمل أى شىء يعتد به ويشفع له عند الناخبين. وفِى بحثه فى الدفاتر عن عمل يتستر فيه وراء شعار «أمريكا أولاً» لم يجد إلا قرار القدس الذى يصدق عليه شعار إسرائيل أولاً. فلم يبال، وقدمه إلى شعبه باعتباره عملاً قومياً تأجل تنفيذه أعواماً كثيرة. وأن الرؤساء الذين سبقوه افتقدوا الشجاعة التى يتمتع هو بها، ولذلك لم يتحقق هذا الإنجاز القومى المهم حتى الآن. لا يا سيدى الهمام، إن اغتصاب حقوق الآخرين وابتلاع أراضيهم عنوة بلا أى مسوغ من قانون أو ضمير أو أخلاق ليس من الشجاعة فى شىء. فالشجاعة عمل أخلاقى يقف وسيطاً بين إفراط وتفريط، بين الحماقة والجبن. وقد أفاض الكثير من المعلقين فى وصف خطوتك هذه بالحماقة، ولن نزيد عليهم. فقط نقول لك إن الكونجرس الأمريكى ليس حكومة للعالم، وإن الأمم المتحدة هى الجهة الشرعية الوحيدة التى تفصل فى المسائل السياسية وما يتعلق بها من مشكلات.

 وقد أصدرت هذه الهيئة الدولية العديد من القرارات التى تؤكد عروبة القدس وخضوعها للاحتلال، وأنه لا يحق لسلطة الاحتلال تغيير أى أوضاع فى الأراضى المحتلة. إن أى قرار مخالف للشرعية الدولية مصيره إلى زوال وإن طال الزمن. ونرجو أن تكون هذه الخطوة ناقوس خطر ينبه الأمة العربية إلى الاستيقاظ ونبذ الخلافات الداخلية، والعمل على بناء أمن إقليمى يعيد إسرائيل إلى وضع العدو الرئيسى، فهى ولا شك كذلك.