رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وقراره بنقل السفارة الأمريكية إليها، تجاهل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب كل الحقوق العربية فى المدينة المقدسة، ضاربا عرض الحائط بكل قرارات الأمم المتحدة التى تدين الاحتلال الإسرائيلى لها، وهو ما يجعل إدارته خارجة عن الشرعية الدولية، وهو ما يفقدها  أية مصداقية لتكون وسيطا نزيها بين العرب والإسرائيليين، يمكنها من تحقيق السلام فى الشرق الأوسط.

كل المبررات التى ساقها ترامب لتبرير قراره لا تستند إلى أى حقائق أو عدالة، فهو يقول إن القدس أصبحت عاصمة لإسرائيل «كأمر واقع»، وهو منطق يفرض عليك أن تعترف مثلا بمشروعية سرقة جارك لنصف منزلك كأمر واقع أيضا، بل وأن تعطيه النصف الآخر طالما هو أكثر منك  قوة، كما إن قوله ان القدس كانت عاصمة اليهود منذ آلاف السنين غير صحيح بالمرة، فكل الدراسات التاريخية  تكشف أن الكنعانيين - جدود العرب - هم الذين بنوا المدينة وعاشوا فيها منذ 3 آلاف عام قبل الميلاد، وأن تاريخ اليهود فيها  كان وجودا عابرا، وهو ما أكدته أيضا كل الحفريات الأثرية التى قامت بها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، دون أن تجد دليلا واحدا ينفى عروبة القدس.

أما من الناحية السياسية، فإن قرار ترامب يثير أكثر من سؤال حول جدوى " صفقة القرن "، وكيفية تسويقها لدى الشعوب العربية، خاصة وأن هذا القرار يصب فى مصلحة خطط  حكومة نتنياهو بإقامة دولة اليهود فى إسرائيل وطرد الفلسطينيين منها، وحول ردود أفعال حكومات الدول العربية والإسلامية السنية التى ستطالبها شعوبها بقطع العلاقات مع أمريكا وإسرائيل، وحول توقع زيادة معدل العمليات الإرهابية فى المنطقة التى لن ترى فى قرار ترامب إلا حرب على الإسلام والمسلمين.

ما كشفه قرار ترامب بوضوح تام أن كل الاستراتيجيات العربية فى التفاوض لتحقيق السلام أصبحت بلا جدوى، فى نفس الوقت الذى لا تسمح فيه الظروف الإقليمية ولا الدولية بأى مواجهات عسكرية بين العرب وإسرائيل، وهو وضع يقوى من مواقف المعسكر المناوىء للولايات المتحدة ولإسرائيل ، بل و يتعارض مع الخطط الأمريكية الحالية بإقامة محور سنى ضد المحور الشيعى الذى تتزعمه إيران، بل ويؤكد أن موقف طهران وحزب الله من الصراع العربى الإسرائيلى هو الموقف الصحيح.

قد يكون ترامب قد حقق انتصارا سياسيا بتنفيذه لوعوده الانتخابية، ولكنه بالقطع يعرض مصالح بلاده للخطر على المدى الطويل، ويفقدها المزيد من الاحترام والمصداقية وسط الشعوب العربية والإسلامية، ليبقى الرد الوحيد للشعوب العربية على تطرف ترامب السياسى وربما الدينى أيضا، هو التمسك بعروبة فلسطين على كامل أراضيها فى دولة مدنية ديمقراطية تضم  المسيحيين والمسلمين واليهود جنبا إلى جنب، على اعتبار ان الصراع مع إسرائيل الصهيونية هو صراع وجود لا حدود.