يا ناس يا هوو
الفن تأديب، وتهذيب، وإصلاح.. وحياة، الفن موت.. وألم، وحزن، ووجع، وشجن، ودموع، وأنين وحنين.. وفرح، الفن حب.. وهيام، وغرام، وانتقام، ووفاء، وغدر، وخداع، وانكسار وخيانة.. وخذلان، الفن.. أبيض، وأسود، وألوان، وشوارع.. وحارات، وعركة، وخمارة، وزقاق، وساكن قصادى، وقُلة بنت الجيران، الفن.. هو وهى، وهنومة وقناوى، وحسن ونعيمة.. وهنادى وآمنة فى دعاء الكروان.
ولما كانت القاهرة هى هوليوود الشرق وقِبلة الفن والأضواء وقلعة صناعة المجد والشهرة لكل فنان يأتى إليها حاجا أو معتمرا أو طالبا المجد. فكل نجوم الغناء والرسم والتمثيل والشعر والكتاب فى العالم لم ينالوا من الشهرة إلا إذا زاروا مصر، والآن بعد أن اختلط الحابل بالنابل وأصبح الفن مثل دكان شحاتة يورث وأدرج تحت قانون تعيين (أبناء العاملين) فأصبح الفنان والمطرب والإعلامى والصحفى وحتى لاعب الكرة يورث ابنه المهنة للمجد وللشهرة والثراء وليس حبا فى الفن، فورث الأبناء شهرة بلا كفاح ولا جهد ولا إبداع. فتجده متعاليًا مغرورًا ويتعالى على جمهوره لأنه يعتقد أن لا أحد له فضل عليه فهو حق مكتسب.
ولأن الفن هو موهبة وكاريزما وروح واجتهاد. نجد أنه لا يمكن لأحد ان يرث شيئا يختص الله به بعضا من عباده فهو هبة ربانية، ولو ان الفن يورث لكان أولى لعمالقة الفن والإغراء والغناء ان يورثوا أبناءهم. فتجد نادية عزالدين بنت سيدة الشاشة والمخرج عزالدين ذوالفقار وهى الطفلة التى ظهرت مع والدتها فى فيلم موعد مع السعادة لم تمتهن الفن وتجد أبناء ملكة الإغراء والدلال هند رستم لم يرثوا الفن رغم أنهم قد يرثون الملامح. وما زاد الأمر تراجعًا وانحطاطًا فى المشهد الفنى ما نراه اليوم من سبوبة التكريم لفنانات (عندهم ظروف) و(سيب إيدى) ولا أعرف سبب للتكريم إلا عندما ركبت المرجيحة واكتشفت أنها مريحة وكانت سببا فى شهرتها.
يؤكد لى صديق فى الفن أن الوساطة وصلة القرابة والرشاوى الجنسية والمالية والتوريث من أهم أسباب تراجع السينما والغناء فى مصر، ويذكر أنه حين أرادوا عمل فيلم عن قصة حياة أجمل عيون فى العالم زبيدة ثروت عرض على ابنتها التى كانت تشبهها فى الملامح، وحاول تدريبها وتعليمها المشاهد لكنه غير فكره تمامًا حين رأى ان الموهبة فى الأم ليس بالضرورة ان يرثها الابن.
يا سادة: قد يورث الإنسان لأبنائه ملامح أو سلوكا أو مالا، لكن الموهبة لا تورث لأنها هدية من الله.. وهدايا الله لا ترد ولا تهدى.