عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

«للتاريخ قوانينه، أقوى من النصر والهزيمة» كما يقول نجيب محفوظ، فثمة مهزومون وهُم فى أرقى درجات سطوعهم، وثمة منتصرون وُهم يحسبون أنهم ميتون.

قوافل من المُصفقين، وصخب مُصطنع، وزيارات إلكترونية مليونية، وأدوات لا حصر لها للترويج والتسويق، ولم يفلح مُبدع واحد فى اللحاق بهرم مصر الرابع، سيد الكتبة، وقديس الروائيين نجيب محفوظ.

آمل أن تنتهز الأجهزة المعنية فرصة ذكرى مولد أديب نوبل فى 11 ديسمبر، لتُقدم نصيحة لصاحب القرار بأن يُطلق اسمه على العاصمة الجديدة، فهو جدير باقتران حُلم تنمية به، وباسمه تشُرف المشروعات الكبرى وتزداد جمالاً.

نجيب محفوظ.. سرب عصافير نادر المرور، مطر مُدهش كفيل بغسل أتربة العقول. عود كبريت مُنير وكاشف لخرائط المُدن السرية والأزقة الجانبية والشوارع الخلفية. لحن طويل يُترجم تاريخ الناس ويرصد تحولات الزمن ورجاله.

يستحق منا ألف تحية، وألف تكريم، وألف احتفاء بكل ما أبدع وأدهش، لذا فتذكر الدولة له ضرورة، واهتمام الأجهزة والمسئولين به لازم، وأبسط شىء فى ظنى أن يُطلق اسم الرجل على العاصمة الجديدة.

لقد كان ومازال الأدباء مدينون للرجل بالكثير، فكتبوا، ورصدوا، وقدروا، وفصلوا أدبه وكتاباته، حتى أن الكاتب الرائع مصطفى بيومى فاجأنى قبل أيام بمخطوطة نص أدبى جديد فى فكرته، ومُدهش فى لغته، يقوم على تتبع الحيوات التالية لأبطال نجيب محفوظ فى مختلف رواياته. يرسم النص ما فعل رؤوف علوان الصحفى الانتهازى فى «اللص والكلاب» بعد مقتل سعيد مهران، كيف واصل دناءته وكيف انتهت به الحياة إلى كاتب مأجور يخدم الأجهزة وينافق السلطة. يتابع النص ما جرى لكامل رؤبة لاظ بطل «السراب» بعد وفاة زوجته الخائنة، حيث يتزوج وينجب ابناً يسميه فاروق وتنتهى حياته بانتهاء حكم الملكية فى مصر. ثُم يحكى الكاتب قصة إحسان شحاتة بطلة «القاهرة 30» بعد طلاقها من محجوب عبدالدايم، وكيف واصلت السير فى طريق الوضاعة وبيع جسدها حتى صارت بقايا امرأة وفتافيت إنسان. يمتد العمر بكمال عبدالجواد بطل «السكرية» ليشهد انقلابات ثورة يوليو وتغيرات الناس والمجتمع، فيدمن الخمر والحزن، وتفجعه هزيمة يونيو فيموت سُكراً.

إن نجيب محفوظ فى تصور مصطفى بيومى نبع دائم، يُمكن النهل منه أجيالاً خلف أجيال. خالد الكلمات، أبدى الإبداع، يعيش مع جيل الخمسينيات والستينيات ويبهر جيل السبعينيات ويُدهش جيل الألفية الثالثة وما بعدها. خلفه نسير ذلك العملاق الذى علمنا الحكى.

كان محفوظ يقول: «إن ثمة موت يدركك وأنت حى» ولقد أثبت بعد وفاته أن هناك حيوات تدرك بعض من ماتوا وتمتد إلى ما لا نهاية.

ثانياً وثالثاً ورابعاً، فإن محفوظ هو أحد رموز تحضرنا وتقدمنا الفكرى والثقافى، وليس أقل من تكريمه بإطلاق اسمه على العاصمة الجديدة.

والله أعلم.

[email protected]