رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

قد يسأل سائل وهل للكوارث فوائد؟ والاجابة يسوقها القول المأثور «رب ّ ضارة نافعة» وتؤكدها القاعدة القرآنية «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم». ثم أليس ضوء النهار يولد من ظلام الليل؟ ألم يقل المتشائم إنه لا يرى سوى نصف الكوب الفارغ،  فيما المتفائل يصوب إصبعه نحو نصفه الملآن؟ أليست الحقيقة كما يرى الفلاسفة والمفكرون متعددة الدلالات ونسبية ولها أكثر من وجه؟

لكل هذا ولغيره وقبل أن تهدأ العاصفة،  فإن المفارقة التى تحملها  كارثة  المجزرة  الوحشية التى حصدت أرواح 305 بينهم 27 طفلا  من المصلين،  وجرح 128 فى مسجد الروضة ببئر العبد بشمال سيناء كشفت بعض الجوانب الايجابية. فى القلب منها أن السلطات المعنية أدركت  بشكل نهائى أن هزيمة داعش وأخواته من التنظيمات الإرهابية فى سوريا والعراق لا يعنى القضاء عليه،  وأن انتقاله من المناطق التى هزم فيها إلى سيناء لم يعد هاجسا نخشاه،  بل غدا  واقعاً يتطلب معالجة جذرية  طويلة وممتدة من أجل اجتثاثه،  وتشديد المراقبة على النقاط الحدودية التى يتسلل منها،   ومنعه من إشاعة الفوضى والخراب التى تمهد له التمكين من مشروعه  المدمر،  بإقامة الدولة الإسلامية المزعومة!

لقد أفشل الالتفاف الوطنى الواسع النطاق  حول الدولة المصرية،  مخطط العملية الإرهابية  الهادف إلى  إثارة شكوك المواطنين فى قدرة الدولة على التصدى لهذا الخطر  الداهم،  كما أن وحشيتها وفجرها سوف يدفع مواطنى سيناء على نبذ الخوف والتردد للإقدام على مساندة الدولة ومساعدتها فى اختصار الفترات الزمنية لتحرير سيناء  من الإرهابيين،  ومن يمنحونهم غطاء شعبياً لاستمرار عملياتهم . لكن نجاح ذلك يظل مرهوناً بأن تسد الدولة كل الثغرات التى يتسلل منها  من يزعزعون  الثقة بينها وبين أهالى سيناء. ولذلك فإن دفع الدولة لدية للقبائل التى تفقد بعض أفرادها عن طريق الخطأ فى عمليات مكافحة الإرهاب بات أمراً ضرورياً. كما بات ضرورياً كذلك أن تمد الدولة قوات الشرطة والجيش بأحدث المعدات العالمية المستخدمة فى مكافحة الإرهاب،  حتى لو تطلب الأمر إصدار قانون بضريبة جديدة يستخدم عائدها فى شراء تلك المعدات.

شكلت الانتفاضة الدولية المنددة بحادث مسجد  الروضة بعداً جديداً فى النظرة الغربية المتشككة فيما يجرى على أرض سيناء.

وبعد أن كانت بعض الدوائر الغربية تصف ما يحدث بأنه صراع على السلطة بين من تسميهم مقاتلين والنظام المصرى،  أصبحت بعد الحادث  تسمى الأسماء بمسمياتها،  لأنها ببساطة تخشى على بلدانها من هذه التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود،  التى كلما تم حصارها فى بلد،  انتقلت إلى ملاذ آمن فى بلد آخر لنشر فوضاها وتعميم خرابها،  وأنها غدت تدرك أكثر من أى وقت مضى أن بلدانها لم تعد بمنأى عن هذا الخطر،  وزاد لديها الاقتناع أن تلك التنظيمات لن تكف عن ذلك إلا إذا انخرط المجتمع الدولى فى عمل جماعى  لا مناورة فيه  لحصارها والقضاء عليها. وحتى ينتقل هذا الدعم الدولى  من التنديد إلى الفعل،  فإن على الدولة أن تغتنم هذه الفرصة للتحرك فى إطار هيئة الأمم المتحدة لاستصدار قرار دولى ملزم لوسائل التواصل الاجتماعى  بحظر الشبكات الإعلامية الضخمة التى تصدرها  إلكترونياً بأكثر من ثمانى لغات و تستخدمها داعش وأشباهها،  فى تجنيد الأنصار وتدريبهم على العمليات العسكرية وصنع المتفجرات، ونشر الخرائط للأماكن المستهدفة،  ومواد فيلمية عن عملياتها الوحشية من القتل والذبح وسبى النساء  وتدمير البشر والحجر،  فضلا عن نشر قصص الغرام المشبوبة لأعضائها، والإغراءات المادية التى تعدهم بها  والترويج بطبيعة الحال لدولة الخلافة الإسلامية المزعومة، وبينها مجلة رومية والنبأ وجند التوحيد والجهاد وشبكة شموخ الإسلام وإذاعة البيان وغيرها من المواقع الإليكترونية الداعمة.

ولعل التوجيه الذى أصدره الرئيس السيسى مؤخرا بحسم تلك المواجهة بأسرع وقت ممكن أن يكون خطوة نوعية هامة فى طريق المواجهة، لتصبح مصر بحق أرض الكنانة  أى الجعبة التى تمتلئ بالسهام لرد كيد أعدائها.