رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

لو أنَّ السينما تناولت حادث مقتل المُصلين من الرجال والأطفال فى مسجد «الروضة» فى شمال سيناء، لاستعانت بممثلين وممثلات كبار وأطفال؛ لإظهار بشاعته وفداحته، ساعتها نُشيدُ بالعمل ونُثنى عليه كثيرًا.. وعندما قدَّم تلاميذ مدرسة إعدادية مشهدًا تمثيليًا لاقتحام الإرهابيين للمسجد وإطلاق الرصاص على مَنْ فيه، قامت الدنيا ولم تهدأ، وتعرَّض عمَلُهم للهجوم، وكأنَّ التلاميذ ومن ساعدوهم وشجَّعوهم قد قاموا بعملٍ إرهابى يستحق العقاب..

ولأنَّ الأمرَ لم يُعْجِب محافظ الدقهلية، فقرر استبعاد مديرة مدرسة يحيى الأدغم الإعدادية، بقرية كوم النور مركز ميت غمر، وإحالتها للتحقيق، فيما أسماه «واقعة» قيام طلاب المدرسة بتمثيل مشاهد الحادث الإرهابى. ومارس المحافظ الإرهاب وقرر إحالة جميع المشاركين فى الواقعة للتحقيق. وطلب تقريرًا مفصلًا عن الواقعة وملابساتها. وأصدر المحافظ بيانًا أول أمس نشرته الأهرام قال فيه إنه فور علمه بـ «الواقعة» قرر استبعاد مديرة المدرسة؛ لأنها لا تصلح لتربية أبنائنا الطلاب، حتى إنْ كان هناك حُسن نية فى الأمر، أنْ يُمَثلوا الواقعة، لما فيها مِنْ ترسيخ لمشاهد العُنف والإرهاب فى نفوسِهم. والمحافظ فى بيانه «المهم» يُشير إلى أنَّ المديرة لم تحصل على أى موافقات من التربية والتعليم لأداء هذه المشاهد، وهو أمر من وجهة نظر المحافظ مرفوض تمامًا. وأكد أنَّ دور المدارس هو ترسيخ نبذ العنف وإدانة الإرهاب فى نفوس الطلاب. وألمح المحافظ فى بيانه إلى أنَّ المدرسة خالفت تعليماته، التى أكد فيها منذ وقوع الحادث، على أنْ يكون هناك حداد بالمدارس، وأداء صلاة الغائب، والحديث عن فضل الشهداء، ودور القوات المسلحة والشرطة فى الحرب على الإرهاب.. وربما رأى المحافظ أنَّ المدرسة لم تلتزم حرفيًا بتعليماته، وتجاوزتها إلى حد التمثيل، فكانت لعنته وعقابه على الجميع.. ويبدو أنَّ سيادته لا يعلم أنَّ العالم كله رجاله ونساءه كباره وصغاره قد رأوا مشاهد القتل والدم على شاشات الفضائيات، وعلى صفحات الصحف والمجلات، ويبدو أنَّه لم يعلم أنَّ أطفال مصر قد تابعوا تفاصيل الحادث، واستمعوا لأقرانهم الذين نجوا من القتل وهم يحكون تفاصيل رهيبة عاشوها بأنفُسِهم..

يا سيادة المحافظ، لو أنَّ اهتمامَك بتلاميذ المدرسة حقيقيٌ، لأديت واجبك كمسئول ووفرت لهم مكانًا لائقًا للتعليم وممارسة أنشطتهم ومنها التمثيل، فالذى وشى إليك بـما أسميته بـ «واقعة» التمثيل لم يكشف لك عن الحقيقة، ولم يقُل إنَّ عدد التلاميذ فى الفصل الواحد بذات المدرسة يصل إلى ثمانين تلميذًا، أكثر مِنْ ضعف الكثافة المناسبة، ولم ينقل لك أنَّ هؤلاء التلاميذ قد قدَّموا مِنْ قبل مشاهد تمثيلية لعبور قواتنا للقناة وتحطيم خط برليف فى أكتوبر، وقدموا مشاهد تمثل القضاء على الإرهابيين فى حادث الواحات، ولم يهمس لك أنَّ المدرسة بإدارتها ومدرسيها وعمالها وتلاميذها قد التزموا بتعليمات سيادتك ووقفوا دقيقة حدادًا على أرواح ضحايا مسجد الروضة، واستمعوا لكلمة الصباح عن فضل الشهداء، ودور القوات المسلحة والشرطة فى مواجهة الإرهاب..

والله لو أنَّ كُل مسئول اهتم بما يعنيه، لم يسمع أبدًا ما لا يُرضيه..

[email protected]