رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رأى الوفد

خلال عبورها عملية التحول الديمقراطى، تبدو المجتمعات وقد أتاحت فعالياتها فرصاً متنامية أمام أعدائها، فى الداخل والخارج، للنيل من استقرارها وبث بذور الفشل فى مختلف محاور العمل الوطني، فإذا ما كان التحول الديمقراطى نتاج ثورة شعبية، كانت البيئة أكثر استجابة للكثير من مثيرات الردة إلى ما قبل الثورة؛ ذلك أن التغيرات الجذرية التى تعمد الثورات إلى تحقيقها لا تترك مجالاً مجتمعياً إلا وارتادته على نحو عنيف يهز قواعد النظام السابق، ويطيح برموزه بعيداً عن مسار الشعب وهو يسعى صوب آماله فى حياة كريمة حرة، الأمر الذى من شأنه إحداث صراع سياسى له من الصور ما يعبر عن خصوصية كل مجتمع، وإن اتحدت قواسم مشتركة تعبر عن وحدة الحقوق الإنسانية ومركزيتها.

من هنا، لا تبدو الحالة المصرية مناقضة لما يشير إليه الدرس التاريخى المقارن، فعلى حين تصف الأدبيات الاجتماعية المجتمع المصرى بأنه «مجتمع متجانس»، باتت الساحة الداخلية شديدة الحساسية لكل ما من شأنه إثارة نوازع الاستقطاب والفرقة، فضلاً عن شيوع محاولات التشهير والتشويه والتشكيك، ورفض الآخر فكرياً وإقصائه منهجياً، كل ذلك فى إطار منتظم لضرب ثوابت العملية الديمقراطية.

وقد نال مفهوم الأحزاب السياسية نصيبه وافراً من ذلك الأمر، حتى باتت صعوبات جمة تواجه مبادئ الثورة المصرية، فعلى حين أعلت الجماهير الثائرة، فى يناير ويونية، من شأن قيم الدولة القانونية، الحرية والمساواة والعدالة، تعجز الدولة، حتى الآن، عن إيجاد الصيغة المناسبة لاستنهاض مشاركات على نطاق واسع من كافة القوى المجتمعية، على اختلاف منابعها وتوجهاتها، فيما لا يمكن أن يعبر عن جوهر الثورة.

فى هذا السياق، تتناثر على سطح الحياة السياسية إشكاليات لا تسمح بتسريع حركة المجتمع صوب أهداف ثورته؛ ففى ظل ثورة شعبية جارفة، يطيب لنا أن نصفها بأنها «أدهشت العالم»، بينما الدهشة كذلك تنسحب على ما يواجهه مفهوم الأحزاب السياسية من ضغوطات هائلة جعلت منه فى مرمى نيران البعض ممن «ارتقوا» إلى العمل السياسى مؤخراً، لا يغالبهم فى مساعيهم شك من قدرتهم على ضم نفر غير قليل من المحترفين «اللاعبين» على الساحة السياسية، لعلهم يواجهون معاً حقائق التاريخ، إذ كانت نشأة الأحزاب فى العالم نابعة من تنامى التوجهات الديمقراطية، باعتبارها الروافد الحقيقية والطبيعية لمسارات الرأى العام، وليس أدل على ذلك من اندلاع ثورة يناير المجيدة فى أعقاب الإطاحة «الفريدة» من نظام مبارك بحقوق الأحزاب فى تمثيل الشعب فى انتخابات هزلية كانت مدخلاً منطقياً لنزع نظام مبارك من الحكم بعد عدة عقود، عمد فيها إلى تشويه مفهوم «الاستقرار» عندما سحبه زيفاً على مفهوم «الركود» الذى عانى منه الوطن كثيراً.

والواقع أن تغيراً جذرياً فى هذا الشأن، لا يمكن الوثوق فى بلوغه ما لم تتبوأ الأحزاب موقعها الطبيعى كمحرك أساسى للعملية السياسية المنوط بها تحقيق التحول الديمقراطى المنشود.

ربما فيما سبق ما يكفي، حالياً على الأقل، لبيان كم تحمل دعاوى تهميش الأحزاب من قيم سلبية لا يمكن إسنادها إلى أى فكر ثورى.

ليكف إذن الأبناء الحقيقيون لنظام مبارك، وقد تزينوا زوراً بعلم الثورة المصرية، عن التبشير بأغلبية كاسحة للمستقلين فى البرلمان المقبل، فليس إلا نهج الأنظمة الفاسدة يمكن أن يتبنى «توقعاتهم»، ويهيئ لها بالفعل موقعاً، وعندئذ.. ليست إلا الدهشة حقيقة تحوزها الثورة المصرية، وعلى نطاق واسع،  إن هى تصعد على أنقاض الأحزاب السياسية!.