رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تداولت وكالات الأنباء ونشرات الأخبار والصحف خبرًا عن تقديم شركة يابانية اعتذارًا رسميًا لركاب قطار يابانى بسبب «20 ثانية». وأكملت: أن سبب الاعتذار الذى قدمته الشركة إلى انطلاق قطار من محطة «مينامى ناغارياما» مبكرًا عشرين ثانية عن موعده المحدد، حيث تحرك القطار المذكور فى الساعة 9.43.40 بدلاً من 9.44، من المحطة العاشرة فى الخط الذى يضم 20 محطة. وقد أصدرت إدارة القطار بيانًا قالت فيه: «نحن نعتذر بشدة عن الإزعاج الشديد الذى سببناه للركاب».

وقد بدا الخبر غريبًا خاصة أن كثيرًا من مواقع التواصل الاجتماعى تناولته من باب السخرية بيننا نحن المصريين واليابانيين بصفتهم الآن كوكبًا منفردًا لا يضاهيه أى كوكب آخر فى النظام ودقة العمل والالتزام. وبالتالى وصلت اليابان إلى ما وصلت إليه من تقدم فى جميع المجالات. ورغم أن الآلة الإعلامية الأمريكية الجبارة تمنع جميع سكان العالم من النظر ناحية الشرق، أى أننا طوال الوقت ننتظر أمريكا وأخبارها وكل ما يحدث فيها، فقد نسينا الجهة الشرقية من العالم وما يحدث فيها سواء العملاق الصينى، والذى لم نستفد منه إلا فى أشياء تملأ السوق المصرى والعالمى. لكن اليابان لم يصل لنا منها إلا بعض أنواع من الأجهزة ذات الشهرة العالمية ويليها بعض أنواع السيارات الممتازة الصنع والقوة.

لم يكن يعنينى من تلك السخرية إلا أن نطل على الآخر بنوع من الاحترام الذاتى، أى أن اليابان ولها كل الاحترام تحترم مصر وشعبها، وتفهم اليابان أن هذا الشعب العريق – مصر قد قام فى كثير من أيام تاريخه بأشياء لن يستطيعوا هم بعملها مهما وصلوا من تطور ودقة، فهم يحترمون المصرى القديم الذى بنى الأهرامات، والمصرى القديم الذى دافع عن الأمة العربية فى كثير من المواقع، ويحترمون المصرى القديم الذى عندما نظم أشياءه البسيطة استطاع بجيشه تحت قيادة إبراهيم باشا أن يهدد أبواب الآستانة ذات يوم، وهو الإنسان المصرى الذى استطاع أيضًا عبور المياه والرمال لتحرير التراب الغالى فى أكتوبر 1973.

إن روح السخرية وما يحدث بها من استهانة بما نحمله بداخلنا من تواكل وفهلوة لن تصلح أمام ما يحدث على مستوى العالم، لكن فى نفس الوقت يجب أن نكون على ثقة بقدراتنا وبتاريخنا، وبقدرتنا على التغيير الداخلى للإنسان المصري. فيجب ألا يصل الأمر لعدم الثقة فى النفس لأن هذا آخر ما سوف نتمسك به، بعد أن هدمنا الكثير من الرموز وكثير من العادات فى السنوات الأخيرة ولكنى على يقين بأن هذا الشعب العظيم لديه قدرة أقوى من قدرات العشرين ثانية اليابانية، وأنه يستطيع – بعيدًا عن فكرة الظروف أو فكرة الإمكانيات – أن يصيغ حياته مرة أخرى للأحسن وبالتالى سوف يخرج على العالم بأنه قد قدم لهم – هرمًا جديدًا- سواء كان علميًا أو أدبيًا أو أى مجال آخر وقد تجاوز أى أفكار وقد تجاوز أى أحلام، وبهذا العمل يدخل تاريخ الاحترام الإنسانى وتاريخ الإنسانية.