رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ليست العدالة فى الإسلام تلك التى تتصل بميدان القضاء فحسب، إنما هى تلك التى تشمل مختلف صور العدالة فى مختلف ميادين الحكم والإثارة، والعدل فى الإسلام «عدل مطلق، عام شامل، يلتزم به إذن المسلمون وغير المسلمين، يخص الأصدقاء والأعداء على حد سواء، هو «العدل المثالى» بين الناس جميعاً مهما تختلف أجناسهم وأديانهم، لا أثر فيه للطبقية ولا للجاه أو السلطان أو القرابة مكان معه».

وقد عرفت على ضوء هذا المفهوم «السياسة العادلة» فى الإسلام بأنها «الأحكام والتصرفات التى تعنى بإسعاد الأمة، وتعمل على تحقيق مصالحها وفقاً لمبادئ الشريعة وأصولها العامة، غير متأثرة بالأهواء والشهوات».

وذهب البعض - على هدى ما ذهب إليه ابن القيم - باستبعاد عبارة، وفقاً لمبادئ الشريعة وأصولها العامة، إذ إنهم يرون بأن السياسة العادلة لا يمكن أن تكون مخالفة للشريعة، فحيث تكون العدالة يكون الشرع لأنها جزء منه.

وقد ذخر القرآن الكريم بالآيات الدالة على معنى العدالة ونطاقها: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان»، «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل»، و«إذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى».

ويأمرنا الله بالعدل ولو ضد أنفسنا أو أقرب الناس إلينا، ويحذرنا من أن يميل بنا الهوى عن العدل: «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء الله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين... فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا».

والعدل أساس المجتمع الصالح والحكم الرشيد «ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى»، «وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط، إن الله يحب المقسطين».

يقول النبى صلى الله عليه وسلم «من آذى ذمياً فأنا خصمه» ويقول أيضاً: «ألا من ظلم معاهداً أو تنقصه حقه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا خصمه يوم القيامة»، ومن الأحاديث التى رويت عن النبى صلى الله عليه وسلم قوله «أحب الناس إلى الله تعالى يوم القيامة إمام عادل».

هذه المعانى كلها ترسم لنا كيف أن الإسلام ذهب مع العدالة مذهباً بعيداً مداه، أبعد مما عرف فى أى شريعة أخرى من الشرائع السماوية أو الوضعية.

ومن هنا كان شرطاً أساسياً اتفق عليه علماء الفقه الإسلامى كون العدالة أول الشروط التى يشترطونها فى «الإمام أو الحاكم».

وإذا استعرضنا تاريخ الحكام المسلمين لوجدنا حياتهم مملوءة بالأمثلة الناضرة وضرب القدوة الفذة فى تحقيق العدالة، قال أبوبكر فى خطبته الأولى التى تعد بحق بمثابة دستور حكمه: «ولقد وليت عليكم ولست بخيركم.. الضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ الحق له، والقوى فيكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه.... ».

وجاء رسول كسرى ورأى عمر بن الخطاب فى أمامه العمرى يحكى أروع الطمأنينة للحاكم العادل، وقال قولته الخالدة: «حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر» وتاريخ عمر كله سجل كامل للعدالة مع نفسه وفى بيته وفى مجتمع المسلمين، والفاروق الثانى، عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه وهكذا كان ولاة المسلمين العدل أساس الحكم، لا فرق بين حاكم ومحكوم، وبذلك كانت دفة الأمور العامة فى الدولة تأخذ طريقها دواما نحو شاطئ الاستقرار والطمأنينة.