رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مجرد كلام

كم واحد فى مصر يعرف أن محمد بن أبى بكر الصديق خليفة الرسول «ص»، شارك فى قتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وإن كان قد قال للخليفة على بن أبى طالب إنه لم يقتل عثمان بيده ولكنه شارك فى اقتحام بيته عبر السور؟

هذا بالفعل ما حدث ضمن العديد من الأحداث العنيفة فى السنوات التالية لوفاة الرسول، وسجلتها العشرات من كتب المؤرخين والمستشرقين، وتناولها عميد الأدب العربى طه حسين فى كتابه «الفتنة الكبرى» بجزءيه «عثمان» و«على وبنوه»، وهى الفتنة التى بدأت بمقتل ثالث الخلفاء الراشدين، وهو يقرأ القرآن فى باحة منزله بالمدينة المنورة، بعد أن حاصره مئات المسلمين المتمردين القادمين من البصرة والكوفة ومصر، احتجاجاً على سياساته، ومحاباته- كما يقول معارضوه- لأهله بالمال والمناصب.

من هذه الأحداث أيضا إقدام عبيدالله بن عمر بن الخطاب على قتل أحد المسلمين الأعاجم ظناً منه بالخطأ أنه شارك مع أبولؤلؤة المجوسى فى قتل أبيه، ثم رفض الخليفة عثمان طلب الكثيرين بالقصاص منه، بل إنه دفع ديته بدلاً من عبيدالله لبيت المال، ليصبح عبيدالله حراً طليقاً، رغم معارضة العديد من الصحابة الذين كانوا يريدون تطبيق شرع الله على الجميع بلا استثناء.

وحتى خلال خلافة على بن أبى طالب، انقلب عليه اثنان من كبار الصحابة ومن ضمن العشرة المبشرين بالجنة وهما الزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله، رغم بيعتهما لعلى، وكان كل منهما يرى أنه أحق بالخلافة منه، بل إنهما شاركا فى الحرب عليه، عندما ذهب للبصرة تمهيداً لمواجهة تمرد معاوية بن أبى سفيان عليه.

فى جزأي كتاب طه حسين سرد مفصل للكثير من الحوادث التاريخية التى شهدتها سنوات هذه الفتنة، واللذين رصد فيهما مآثر ومآخذ نظم الحكم فى هذا العصر، مستشهدا بالعديد من الروايات التاريخية المعتبرة، وكان أبطالها بشر مثلنا، منهم من يتصارع على السلطة، ومنهم من يزهد فيها، ومنهم من ارتكب أخطاء جسيمة، ومنهم من كان مضرباً للأمثال، ولم يكونوا كلهم ملائكة لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم أو من خلفهم.

ما يجب أن نفهمه، أنه بدون إعادة قراءة تاريخنا الإسلامي بعقلية علمية نقدية كما فعل طه حسين، بعيدا عن القداسة وإضفاء ملاحم أسطورية عليه، ستظل كل الدعوات المنادية بتجديد الخطاب الدينى كالحرث فى البحر، لن تمنع المتطرفين من استخراج ما يعتقدون أنه «أحكام شرعية» من ثنايا هذا التاريخ لتبرير جرائمهم الإرهابية، كما لن تحول دون استمرار تجار الدين فى توظيف هذا التاريخ فى نشر التخلف، وقبول الظلم، ونشر الخلافات والحروب المذهبية التى لن يكون لعامة المسلمين فيها ناقة ولا جمل.