رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل فى مصر فساد، طبعاً هناك فساد، وهل هذا يخزينا ويجعل القاصى والدانى يسخر منا، طبعاً هذا يخزينا، ولكن السخرية منا، ليس لأزمة، ولا يحق لها وجود. فالدنيا كلها مفعمة بالفساد ذلك الذى ينخر فى الصحيح من الأمور، ويدفعها إلى الخسران والتلف، ويرجع تغلغل الفساد فى أرجاء العالم إلى أن أسبابه عديدة، فهو لا يرجع إلى فساد فى المال وجشع فى اقتنائه وحسب، كما يدور بالخلد دائماً، بل انه يتعدى ذلك ليشمل سوءاً فى إدارة الأمور التى تدار، إما لعجز فى إدارتها أو لاستغلال نفوذ فيها تمكيناً لسلطوية من يدير، أو قد يكون راجعاً لسوء الخلق فى الحياة العامة وامتلاء بالخيانة والانحلال، وقد تتغاضى بعض الدول عن محاربة الفساد، وتتهاون فى وجوده مما يقودها إلى عدم التقدم وإصابتها بتأخر قد ينتهى بالانحدار وهو ما أكدته الإحصائيات التى قامت بها (هيئة الشفافية الدولية) حين قسمت النزاهة فى الدول إلى عشر درجات، إذ تبين ان الدول المتقدمة تحظى بالدرجات العليا فى النزاهة وقلة الفساد، وأن بلداً (كنيوزيلاندا) تصل نسبة النزاهة فيها إلى (9٫7) درجة من (10) درجات، بينما لا تحصل الدول النامية على أكثر من (5) درجات، بل إن هناك بعضاً من هذه الدول لا تقيم بأكثر من درجة واحدة من عشر درجات لإغراقها فى التأخر والفساد.

لهذا كانت محاربة الفساد واجبة لتقدم الأمم ونموها، ولكن فى أثناء المحاربة تبين أن هناك ثغرات يمكن أن تقضى على المحاربة وتفرغها من مضمونها، ذلك أن هناك من يشغل هذه المحاربة لمصلحته، فيحاول أن يهدم أشخاصاً يحقد عليهم، أو يريد أن يزيلهم ليحتل مكانهم، فيتهمهم بالفساد، ويزور وثائق إدانة لهم، زاعماً انه يفعل ذلك مساهمة منه فى الإرشاد عن مصدر الفساد حتى يقف عند حده، ولقد بان هذا السيناريو واضحاً فى أحد برامج التليفزيون، حين اتهم أحد الوزراء باقتناص مال ليس من حقه، ويشاء الله فى هذا البرنامج أن تسارع إحدى اللجان بالإبلاغ عن الاثنين اللذين يدينان الوزير، وتتهمهما هما أنفسهما بالفساد، وطبعاً يلعلع البرنامج ويجذب المشاهدين وإعلاناتهم، مدعياً انه يسهم فى محاربة الفساد، وتدور دائرة هذا السيناريو لتشمل الصحف والمجلات إلى جانب الجلسات العامة والندوات، ويتهم الأبرياء دون وجه حق، وتسوء سمعتهم بالباطل فى تناسٍ لقول رسول الله: أيما رجل أشاع على رجل مسلم بكلمة هو منها بريء، يشينه بها فى الدنيا، كان حقاً على الله أن يذيبه يوم القيامة فى النار حتى يأتى بنفاذ ما قال (أى يأتى بالدليل الدامغ على صحة ما ردده وأشاعه)، وهكذا تضطرب الأمور بتشويه الناس دون الدليل، ويشيع الشك فى الأعمال، وقد يتوقف الناس عن العمل ويبتعدون عنه اتقاءً من هجوم الأشرار وأصحاب الغايات، أو يضطرون لإرضاء من يصبوا الاتهامات صبا، حتى يبعدوا عنهم الشبهات، فينتشر الابتزاز ويعبث بالأخلاق عبثاً يودى باستقرار البلاد، ويتغلغل الحقد فى النفوس ويزرع الصراع بين الناس فينسيهم مصالح البلد ويتفرغون لهذا الصراع.

فلنحاذر إذن مئات المرات ونحن نحارب الفساد، ولا نجعل ثغرة من الثغرات تفسده، وإلا نكون قد استبدلنا الفساد العام فى البلد إلى فساد أكبر لا يبقى ولا يذر ولا يقودنا إلا إلى وقف الأعمال ومزيد من التأخر وإيقاف النمو والازدهار.

----

الأستاذ بطب بنها