رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

تثير المعارك بمختلف أنواعها كماً من الغبار الذى يغلف أجواءها بحيث يتعذر على كل المشاركين فيها والقريبين منها تبين حقيقة ما كان يجرى بشكل سليم، وعلى نحو موضوعى.

 ومعركة اختيار رئيس جديد لمنظمة اليونسكو خلفاً للسيدة إيرينا بوكوفا التى تنتهى ولايتها فى العام الحالى ليست استثناءً من هذه القاعدة. فقد كانت معركة محتدمة شاركت فيها دول كبرى، وأخرى صغرى، واستخدمت فيها كل أنواع الأسلحة، المشروعة منها والمحرمة. فما بين سلاح المال السياسى وشراء الضمائر وسلاح النفوذ بكل ما يمثله من ثقل يصل إلى حد الابتزاز، جرت المعركة التى لم تقف عند حدود الأطراف المشاركة فيها، ولكنها تجاوزتهم إلى أطراف أخرى خارجها ربما كانوا أكثر تأثيراً من الأطراف المشاركين فى حلبة الصراع. وما انسحاب الولايات المتحدة التى تضطلع بما يزيد على خُمس ميزانية اليونسكو، ومعها إسرائيل ببعيد عن الصورة الكلية لما جرى فى ساحة اليونسكو.

لقد بدأت المعركة بمشاركة أربعة أطراف عربية هى مصر، والعراق، وقطر، ولبنان. ومنذ البداية اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن تعدد الأطراف العربية فى هذه المعركة سوف يؤدى إلى تفتيت الأصوات، بما سيضر بكل الأطراف العربية. وبعد انسحاب العراق لصالح مصر والذى تبعه انسحاب لبنان لم يبق فى الساحة من أطراف عربية سوى مصر وقطر.

 وعلى الرغم من أن ممثل قطر كان يتصدر السباق، كان المراقبون يوقنون أن المعركة الحقيقية على رئاسة اليونسكو تدور بين مرشحة مصر مشيرة خطاب، ومرشحة فرنسا أودرى ازولاى. ولذا كان الاقتراع قبل الأخير الذى جرى بين المرشحتين خطاب وأزولاى، بمثابة الجولة النهائية التى تحدد الفائز بالمنصب الدولى. فقد كانت كل من المرشحتين المصرية والفرنسية تستند إلى دولة ذات تاريخ وثقل حضارى ونفوذ إقليمى ودولى يؤهلها لقيادة العالم ثقافياً وحضارياً. وهيهات للمال السياسى أن يطاول الأصالة والعراقة فى مثل هذه المعارك. 

ونظرة على ما خلفته هذه المعركة من آثار ومن دروس مستفادة، نجد أن قوة العرب تكمن فى وحدتهم، وأنه دون هذه الوحدة فإن جهودهم ستكون مبعثرة، وتذهب أدراج الرياح. ثانياً، أن معركة اليونسكو بدأت مع حملات التشهير التى استهدفت مصر باتهامها بانتهاك حقوق الإنسان، إذ كانت تلك الحملات بمثابة المدفعية الثقيلة التى تمهد أرض المعركة لما هو آت.

 إن مصر مطالبة بأن تبرئ ساحتها من كل ما يسىء إلى سمعتها، فالصورة الذهنية التى تترسخ فى العقول تصبح أهم من الحقيقة التى لا تجد من يظهرها. وأخيراً فإن معركة اليونسكو أظهرت مجدداً معدن السفيرة مشيرة خطاب التى شرفت المرأة المصرية فى كل موقع شغلته.

إن خسارتها لهذه الموقعة لا تقلل أبداً من شأنها أو تخصم من نجاحاتها السابقة. ولقد كنت شاهداً على ما حققته من مكانة لمصر فى جنوب أفريقيا حينما كانت سفيرة لمصر هناك، ورأيت وسمعت حين كنت أشغل منصب رئيس اتحاد إذاعات الدول الأفريقية، مدى التقدير الذى يكنه الزعيم الأفريقى التاريخى نلسون مانديلا للسفيرة مشيرة خطاب. واليوم نقول إنه إذا كانت اليونسكو قد خسرت جهود هذه الطاقة الكبيرة، فإنه لا ينبغى أن تخسرها مصر. نرجو أن تستفيد مصر فى مجالها الثقافى بهذه السيدة التى ستوفر قوة دافعة لهذا المجال.