عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

«عاصفة» الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي هبَّت على إيران قبل أيام، تظل مجرد زوبعة في فنجان، ولا يمكن أخذها على محمل الجد، بل ربما كانت «مزحة»، وضع فيها بلاده وإدارته في موقف حرج للغاية، لابتعادها وانفصالها عن الواقع بشكل كامل.

«وعيد» ترامب لإيران بشأن برنامجها النووي، وتهديداته بشن «عاصفة» لا تبقي ولا تذر، ربما لا تعكس الموقف الرسمي لإدارته التي يترأسها، فقد اعتدناه يقول شيئًا، بينما يقول أعضاء إدارته شيئًا آخر.. ولعل الأزمة القطرية وملف كوريا الشمالية خير دليل!

إذن، «العاصفة»، كما وصفها ترامب «الرئيس»، لا تُمزق الاتفاق النووي، كما وعد ترامب «مرشح الرئاسة»، بل تُبقي عليه، بعد تحويله إلى مجلس النواب لإضافة شروط عليه، خصوصاً أنه لم يطلب من الكونجرس أن يُعيد العقوبات المفروضة على إيران، لأن ذلك يعني إلغاء الاتفاقية!

بالطبع، لا يمكننا وضع تهديدات ترامب و«عاصفته العاتية» إلا في خانة برامج تلفزيون الواقع الاستعراضية.. فالرجل معروف عنه أنه أحد نجومها الكبار، وعلى ما يبدو فإنه ما زال يعيش في تلك الأجواء، ولم يتحرر منها حتى الآن، رغم أنه تقمص دوره فيها على مدى عقود!

إعلان الرئيس الأمريكي «استراتيجيته الجديدة» إزاء طهران، لم يكن «مريحًا» للدول الكبرى راعية الاتفاق، حيث أصدرت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، بيانًا مشتركًا يؤكدون فيه أن الحفاظ على الاتفاق النووي ضرورة تحتمها مصالحهم القومية.

الخارجية الروسية بدورها انتظرت هدوء العاصفة «الصوتية» لتستدعي القائم بالأعمال الأمريكي، وأبلغته أن موسكو لن تسمح بانهيار الاتفاق النووي، فيما جددت وكالة الطاقة الذرية تأكيدها خضوع إيران لأشد أنظمة التحقق النووي في العالم، وأنها تنفذ التزاماتها بشكل كامل.

الرد الإيراني بأن الاتفاق غير قابل للنقاش، واستمرار التوسع في البرنامج الصاروخي ظل ثابتًا لم يتغير، منذ الجدل الأمريكي على الاتفاق النووي منتصف يوليو 2015، بل إن تصريحات طهران كانت حاسمة وقاطعة.. تحمل تهديدًا مباشرًا ووعيدًا لم يعتد سيد البيت الأبيض على سماعه!

ربما توجد عقدة خفية في الأزمة بين واشنطن وطهران ترفضان الإفصاح عنها، ولذلك تظل التحليلات سيدة الموقف بدلًا من المعلومات، لفهم دوافع وهواجس قلة من الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس المعارضين للاتفاق.

لعل إدارة باراك أوباما «الديمقراطية» التي اعتبرت الاتفاق أسوأ وأغبى صفقة تم التفاوض عليها، لم تختلف عن سابقتها «الجمهورية» في إدارة «جورج بوش الابن»، التي لم تتبنّ أي مواجهة فعلية لردع إيران، سواء أكانت مهادنة مجدية، أم خريطة طريق لتطبيع العلاقات بشروط واشنطن.

نحن بالطبع لسنا في موقف الدفاع عن طهران، ولكن لو صحَّ أن أمريكا تملك أدلة لضلوع إيران في دعم الإرهاب، فلماذا لم تبادر إلى تقديمها وفضحها، ولو كانت واشنطن منزعجة بالفعل من زعزعة الإيرانيين لاستقرار المنطقة، فلماذا لم تتصرف معها بشكل مغاير في سورية والعراق.. وغيرهما؟

للأسف، بعض الدول العربية التي ساهمت في التحريض ضد العراق تحرّض الآن ضد إيران بالطريقة نفسها، وهي مفارقة غريبة، لأن مساهمة العرب في تدمير العراق هو الذي سمح بتحول إيران إلى قوة إقليمية عظمى وأمَّن لها استفرادها ببغداد وعواصم عربية أخرى!!

إن «عواصف» ترامب وتهوره السياسي غير المسؤول، كرَّس رفضًا دوليًا جماعيًا لمحاولاته جرّ العالم إلى مغامرة غير محمودة العواقب، فالمجتمع الدولي حاليًا، لن يسمح بأن يترك مصيره بيد رجل مشكوك في قواه العقلية، لمجرد أنه يتربع على عرش أكبر دولة في العالم!

[email protected]