عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حين يحدث هذا.. ونراه!

تقول المؤشرات الأولية، عن انتخابات الرئاسة فى السودان، إن الرئيس عمر البشير، سوف يفوز بـ90٪، ولا أعرف ما إذا كانت النسبة سوف تزيد على هذا، أو تقل عنه، فى شكلها النهائى، ولكن ما أعرفه أنى أسفتُ، حيث أعلن البشير ترشيح نفسه في الانتخابات، وتمنيتُ لو أنه راجع نفسه، ثم تراجع، وانسحب فى هدوء!

تمنيتُ هذا لصالحه هو، كحاكم في دولة جارة وشقيقة، ولصالح الإخوة في السودان، باعتبارهم أشقاء لنا، يُسعدنى في النهاية، ما يسعدهم، ويُشقينا في النهاية أيضاً، ما يشقيهم، وإذا كان الناخبون هناك، قد اختاروا الرجل، لفترة رئاسية جديدة، فهذا في حد ذاته، شأن سودانى خالص بطبيعة الحال، لا يجوز لى، ولا لغيرى، من غير السودانيين، أن يتدخل فيه، بما لا يليق، مادام الاختيار في غاية المطاف، هو اختيار حر، من جانب كل ناخب سودانى.
غير أنى هنا، أتحدث في الجزء العام في الموضوع وتحكمنى في هذا الجزء، ثلاثة أشياء محددة.
أما الشيء الأول فهو أن الرئيس البشير ذاته، كان قد قال مراراً، عند بدء موجة ما يُسمى الآن بالربيع العربى، أنه لن يرشح نفسه مرة أخرى، وقد قالها في حينها، أكثر من مرة، وقد صدقنا نحن المتابعين لما قال، أنه لن يفعلها من جديد، فإذا به يتراجع، وإذا به يرشح نفسه، وإذا به ينقض وعده الذي كان أخذه هو على نفسه، مبادراً، ودون ضغط من أحد!
والشيء الثانى، أن الرجل قضى إلى الآن، 26 عاماً في الحكم، وهي فترة من الزمن أظن أنها كافية جداً، سواء له، أو لغيره، وأظن كذلك أنها في دول أخرى، كانت كفيلة بأن تستوعب ثلاثة رؤساء على الأقل، يتناوبون الحكم واحداً بعد الآخر!.. وتقديري في هذه النقطة تحديداً، أن الحاكم.. أى حاكم.. إذا لم يكن قد قدَّم شيئاً، خلال 26 سنة له على الكرسي، فليس من المنتظر، أن يقدِّم جديداً، في مقبل الأيام، وإذا كان في المقابل قد حوَّل بلاده فى 26 سنة إلى جنة على الأرض، فإن هذا يكفيه لكي ينصرف، وليأتي غيره في مكانه، لأنه، والحال هكذا، قد قدَّم ما عنده، ولا مجال بالتالي لمزيد!
والشيء الثالث، أنى كنت أتوقع أن يأخذ الرئيس البشير، العبرة مما يدور حوله، وأمام عينيه، وأن يكون قد اقتنع تماماً، بأن سنوات في حجم ما قضاه هو في الحكم، قد ثبت بالدليل والتجربة، أنها ليست في صالح الحاكم، ولا في صالح الشعب، ولا في صالح البلد كله.
وإلا.. فإن العقيد القذافي قد قضي 41 عاماً في حكم ليبيا.. فإذا ليبيا علي ما نراه أمام أعيننا!
وقضى على عبدالله صالح، 33 سنة في القصر الجمهوري، فإذا اليمن كما تراه، وإذا سعادته التي اشتهر بها، باعتباره يمناً سعيداً، قد انقلبت شقاء، وتعاسة، وبؤساً، وسوء حال!
وقضى مبارك 30 سنة في الحكم، فإذا بحالنا كما تراه، لولا أن الله تعالى، في مصر بالذات، قد سلَّم على نحوٍ ما!
في هذا الاتجاه، تظل هناك حالة واحدة استثنائية، عالمياً، هي حالة «لي كوان يو» الذي أسس سنغافورة، وانتشلها من عدم، واستطاع في 31 عاماً قضاها في الحكم، من عام 1959 إلى عام 1990، أن يرفع مستوي دخل الفرد السنغافوري، إلى 57 ألف دولار سنوياً، في مقابل متوسط دخل يبلغ 900 دولار في العام، للمواطن اليمنى!
وربما تكون إلي جوار هذه الحالة الاستثنائية، حالة أخرى مضافة هي حالة مهاتير محمد في ماليزيا، الذي قضى هو الآخر 25 عاماً في بلاده، ثم غادر الحكم مختاراً، بعد أن صارت ماليزيا معه، وبعده، غيرها تماماً فيما قبله من أيام وأعوام!
كان في إمكان «لي كوان يو» أن يظل في السلطة إلى هذا العام، فلقد عاش حتي رحل قبل أسبوعين، ولو كان قد أراد أن يبقى، لكان شعبه قد رحب بذلك جداً، وكان قد أغراه بالبقاء طويلاً، ولكنه، حين رأى أنه قد أنجز لوطنه ما تمنى، قرر أن ينصرف، مهما كان حجم إنجازه.. ويبقى الشىء نفسه مع «مهاتير» الذي حين وضع ماليزيا علي الطريق الصحيح، وقطع معها فيه، خطوات، فضَّل باختيار منه، أن يذهب، وأن يُفسح الطريق لآخرين قادرين على العطاء.
أضرب مثلين بـ«لى كوان يو» و«مهاتير» لأقطع السبيل علي كل الذين يمكن أن يبرروا بقاء الحاكم في مكانه، بأن شعبه يريده، وأن الشعب حر فيما يريد، وأن البشير، مثلاً، حين يجدد رئاسته، فإنه ينزل على إرادة الناس.. لا.. فهذا حق، يراد به باطل، ولا فائدة في عالمنا العربي، ما لم يأتْ الحاكم لمدة معلومة مُسبقًا، ثم ينصرف عند نهايتها، مهما حقق، ومهما أنجز، ومهما شيَّد.. لا فائدة سوف نرجوها في عالمنا العربى، قبل أن يفهم الحاكم، أنه جاء إلي مكانه، ليعود منه إلى بيته، بإرادته، لا ليفارقه رغم أنفه منفياً، أو سجيناً، أو مقتولاً!
سوف نرجو الفائدة، في بلادنا، بعد أن يحدث هذا ونراه، وليس قبله بأى حال.