عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بدون رتوش

خرج إمام وخطيب المسجد الحرام فى مكة مؤخراً بتصريحات صادمة أثارت عليه حملة انتقادات لاذعة عبر مواقع التواصل الاجتماعى وصلت إلى حد السخرية منه. وجاء هذا بعد أن كال الشيخ «عبدالرحمن السديس» المديح لترامب ووصفه بأنه يقود العالم والإنسانية إلى مرافئ الأمن والسلام والاستقرار والرخاء، ودعا له بأن يسدد الله خطاه ويبارك جهوده. غاب عن الشيخ الجليل أنه بذلك أساء إلى الدين الإسلامى دون أن يدرى، فأين هو من قول كلمة الحق بالنسبة لترامب العنصرى الذى أطلق التصريحات المعادية للمسلمين، وأعلن تشككه فى الإسلام وتعاليمه، وأصدر قانون يتم بمقتضاه منع مسلمين من دخول أمريكا بسبب دينهم؟ لقد ظهر الشيخ وكأنه يجامل أمريكا على حساب الدين والحق والعقيدة. إذ كيف له أن يمدح ترامب رائد العنصرية والسلاح ويظهره كرجل السلام فى العالم الذى يقود الإنسانية إلى الاستقرار والرخاء والأمن والأمان؟!

لقد غيب الشيخ بإطرائه لترامب- دون أن يدر- السيرة الشيطانية لأمريكا التى استخدمت العنصرية لتسويغ التمدد والاضطهاد، ومضى الشيخ فى وصلة تملق لا تستقيم مع مواصفات ترامب الآثم. ويثور التساؤل: هل مدح الشيخ الجليل لترامب نابع عن جهل بالأحداث التى تجرى فى المنطقة أم أنه أراد أن يتملق أمريكا من خلال أن يدعو لحاكمها بالتوفيق والسداد؟ هل بلغ به الجهل إلى الحد الذى جعله يخلط الأمور ويقلب المعايير بأن يمتدح ترامب الكاره للإسلام؟ قد يمكن التعامل مع تصريحاته الصادمة على أنها من قبيل الفتوى الشاذة التى أثارت جدلاً، وأدت بالتالى إلى إثارة البلبلة والفوضى، بل وأدت إلى السخرية، فذهب البعض إلى القول بأن الإمام مال إلى مدح ترامب بعد أن شارك الرئيس الأمريكى فى رقصة «العرضة» التقليدية فى السعودية خلال زيارته لها فى مايو الماضى. وكأن لسان حال الشيخ يقول: (من رقص معنا أصبح منا وبات حلالاً مدحه وتتويجه كرائد للسلام).

لقد بدا دعاء الشيخ الجليل لترامب كنغمة نشاز ساقها بلا مبرر لمصلحة ترامب، فكان هذا هو الاجتراء على الحق فى أرض الحرم، والتزيد المكروه والذى ما كان لهذا الشيخ الجليل أن يجازف ويدخل فى دائرته المغلقة، والتى لا يستطيع الخروج منها.

ومن ثم فتح الباب على مصراعيه للمنتقدين لكيل الاتهامات له بالتملق والنفاق بعد أن غاب عنه أن من يقوم بمدحه والدعاء له هو رئيس الولايات المتحدة التى قتلت وشردت الملايين من مسلمى العراق بذريعة القضاء على الإرهاب. يدعم هذا شهادات موثقة من جنود أمريكيين تحدثوا عن أمريكا بوصفها العار الذى اجتاح العراق فى عام 2003 فقتلت وشردت وعذبت واستباحت الحرمات واغتصبت ودمرت. فهل هذا هو السلام الذى تقود أمريكا العالم له؟

غاب عن الشيخ الجليل عبدالرحمن السديس جرائم أمريكا عبر التاريخ وبذلك ظهر من خلال دعائه لترامب بالتوفيق والسداد، وكأنه يدعو الله أن يبارك أمريكا التى تقود العالم نحو التهلكة. ومن جديد نقول ربما وقع الشيخ فى هذه العثرة لكونه غير ملم بالسياسة وأهوالها، وبالتالى غاب عنه الجرائم التى ارتكبتها وترتكبها الولايات المتحدة ضد الأمة الإسلامية والشعوب العربية، فجاءت تصريحاته غالباً بدون قصد منه لتشكل نقطة فارقة هدم فيها كل ما عمل على بنائه كداعية مشهود له بالكفاءة وكخطيب مفوه لا يشق له غبار.