رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لله والوطن

لا خلاف على أن المصريين يعانون مشكلة ضخمة ومعقدة مع الغلاء وانفلات الأسعار.. وهذه المشكلة تفاقمت وتجاوزت كل حدود المعقول مع قرار تعويم الجنيه الذى استغلته «مافيا الاحتكارات» أبشع استغلال.. ورفعت أسعار كل السلع بنسب مبالغ فيها جدا.. ولا تتناسب مطلقا مع نسبة الزيادة فى تكلفة إنتاج وتسويق هذه السلع بعد التعويم.

•• هذه المشكلة

ازدادت تعقيدا أيضا.. مثلما أوضحنا من قبل لسببين جوهريين.. أولهما غياب الرقابة الحقيقية على الأسواق وعجز منظومة «حماية المستهلك» عن القيام بدور فاعل فى ضبط هذه الأسواق.. والسبب الثانى هو ما نراه تشوها فى النمط الاقتصادى الحاكم لآليات السوق.. حيث يسود الاعتقاد الخاطئ بأن نمط الاقتصاد الحر وترك حركة التجارة لآليات العرض والطلب يعنى أن ترفع الدولة أيديها تماما عن الأسواق.. حيث يقع المستهلك فريسة للممارسات الاحتكارية.

وهذا ما نعانيه يوميا فى كل معاملاتنا التجارية.. فى ظل الفوضى العارمة فى أسعار السلع.. لدرجة أن تباع نفس السلعة فى نفس الوقت.. وربما فى متجرين متجاورين.. بفروق جنونية وغير منطقية بالمرة.. وأيضا لدرجة أن يتغير سعر السلعة الواحدة.. بمقادير عنيفة جدًا.. بين يوم ويوم.. وحتى بين ساعة وساعة.. بفرمانات من «المافيا» التى تدير الأسواق وتتحكم فى حركتها.

•• بالأمس

أكدنا تأييدنا ودعمنا الكامل لقرار وزير التموين.. بالزام جميع الجهات والشركات المنتجة والمستوردة لمنتجات تعبأ محليا والمصنعة والمعبأة والموردة للسلع الغذائية بتدوين سعر البيع للمستهلك على كل عبوة.. وهو القرار الذى يأتى تنفيذا لتوجيهات أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكومة فى اجتماع موسع لمجلس الوزراء عقده يوم 4 مارس الماضى.. أى منذ أكثر من 6 أشهر.. وتعطل كثيرا بسبب ضغوط «لوبى الاحتكارات التجارية والصناعية»!!

ونبهنا إلى أن هذا القرار رغم أهميته وضرورة تطبيقه.. إلا أنه سيظل محدود التأثير فى السيطرة على الغلاء.. ما لم يتكامل معه قرار أو قانون آخر سبق أن طالبنا به مرارا وتكرارا.. وهو تحديد هامش الربح على السلع فى كل مرحلة من مراحل الانتاج وصولا إلى سعر البيع للمستهلك النهائى.. لأنه لا جدوى من الاكتفاء بالزام البائع بإعلان سعر السلعة.. دون ضمان أن يكون هذا السعر عادلا بالنسبة للبائع والمشترى.

•• ونضيف

إنه من المهم أيضا السير فى اتجاه آخر موازٍ.. وهو دعم وتقوية دور الأجهزة الرقابية العامة.. ممثلة فى جهاز وجمعيات حماية المستهلك.. وجهاز التجارة الداخلية.. وِالتموين.

فالحادث الآن هو أن الأسواق متروكة تمامًا.. وبعيدة عن أى رقابة من أى جهة فى الدولة.. لأن القوانين القائمة لتنظيم حركة التجارة والرقابة على الأسواق لا تتيح للدولة حق التدخل فى الأسعار.. وكل ما تملكه الأجهزة الرسمية هو مراقبة إعلان التاجر أسعار السلع التى يبيعها.. لا يهم كم يبلغ هذا السعر، وكم كسب التاجر من ربح.. بينما تكتفى الدولة بدعوة المواطنين لاستخدام سلاح «المقاطعة» ضد التجار الجشعين.. بزعم أن قوة المستهلك الشرائية أقوى من قوة التاجر الاستغلالية.. دون اعتبار لأن الأمر يشمل سلعًا أساسية وضرورية.. لا يمكن للمستهلك أن يقاطعها أو يمتنع عن شرائها!!

•• نقولها مرة أخرى:

فى الاقتصاد الحر لا توجد أسعار إجبارية.. ويتحمل المستهلك الفرد عبء البحث عن السعر الأفضل والامتناع عن اتخاذ قرار الشراء بالسعر المبالغ فيه.. لكن ذلك لا يعنى انعدام دور الدولة فى حماية المستهلك وفى القضاء على الممارسات الاحتكارية.. سواء أكان ذلك بالحماية القانونية والتشريعية أم بالرقابة المباشرة التى تضمن توافر وتداول السلع بالأسعار العادلة للتاجر والمستهلك.. أضف إلى ذلك دور المؤسسات والتنظيمات الأهلية أو المدنية مثل جمعيات حماية المستهلك والإعلام.

•• ويظل هنا دور أجهزة الرقابة الرسمية هو الأساس.. لأن الدولة هى التى ستتحمل فى النهاية تبعات انفلات الأسعار وما تخلفه من تأثيرات اجتماعية.. خصما من رصيدها السياسى ومن ثقة الشعب فيها.. «إنها هى قضية أمن قومي».