رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

على فكرة

الصفقة التى عقدها حزب الله مع تنظيم داعش مؤخرًا، وسمحت بالخروج الآمن لعناصر التنظيم من الأراضى اللبنانية إلى شرق سوريا، فى المناطق المتخامة للحدود العراقية، فى مقابل تسليم رفات الجنود اللبنانيين الذين خطفهم التنظيم قبل ثلاثة أعوام وأعدمهم، وتسليم حزب الله رفات قتلاه، وإطلاق سراح قيادى فى الحرس الثورى الإيرانى معتقل لدى التنظيم، واستسلام عدد من قيادات التنظيم لحزب الله بعد محاصرتهم داخل الأراضى السورية، تكشف أن الحديث عما يسمى مرحلة ما بعد تنظيم داعش مفرط فى التفاؤل، لأن التنظيم فى كل معركة إجلاء له من معاقله فى المدن العراقية والسورية واللبنانية قد يضعف، لكنه لا يباد، بعد أن تأكد أنه أداة فى يد القوى الإقليمية والدولية التى شكلت حاضنة لنشأته وميلاده، لفرض مصالحها وتسويق مشاريعها فى المنطقة. وليس هناك تفسير واحد للصمت الغربى على تلك الصفقة، وتجاهل المطالبة بتقديم أسرى تنظيم داعش الإرهابى لدى حزب الله للمحاكمة أمام القضاء اللبنانى أو أمام القضاء الأممى، سوى أن بقاء التنظيم هو ضرورة تفرضها المصالح الغربية المتشابكة فى المنطقة، وأن التأكيد على مكافحة الغرب للإرهاب لا يزال محض كلام للاستهلاك المحلى، لاسيما والذئاب المنفردة لتنظيم داعش تسعى لإثبات الحضور والقدرة على مواصلة مشروعها المعمد بالذبح والخراب والدمار، باستهداف الأهداف الحيوية فى المدن والعواصم الغربية وفى سيناء المصرية.

صفقة حزب الله مع إرهابيى داعش تعزز الوجود السياسى الإيرانى فى الساحة السياسية اللبنانية، وتهز التركيبة الحكومية والرئاسية الهشة، وتشيع اليأس من استقرار الأوضاع فى لبنان. ويأتى هذا التعزيز بعد السيطرة الإيرانية على القرار السياسى العراقى، والدور البارز لحزب الله والحرس الثورى الإيرانى فى المعارك الدائرة فى كل من سوريا واليمن. فضلاً عن أن تلك الصفقة تفضح سياسة الوجه المزدوج التى يضطلع بها حزب الله الذى وجه أمينه العام حسن نصر الله خطابه للعراقيين فى العام 2016 قائلاً لهم: الانتصار العراقى الحقيقى، هو أن تضرب داعش، وأن يعتقل قادتها ومقاتلوها ويزج بهم فى السجون، لا أن يفتح لهم الطريق إلى سوريا. انتهى كلام زعيم حزب الله للعراقيين، أما حين يتعلق الأمر بالبنان، فإن الحزب يفتح لإرهابيى داعش الطرق الآمنة للحدود العراقية مع سوريا، ويقيم المهرجانات الاحتفالية بانتصاره الوهمى على داعش ترفع أعلام الحزب لا الدولة، مع أن الجيش اللبنانى هو الذى قاد المعركة لتحرير مناطق جرود رأس بعلبك والقاع، وتمكن من محاصرة أكثر من ستمائة من إرهابيى داعش فى رقعة صغيرة محددة، ما لبثت قيادة حزب الله أن سارعت بإبرام الصفقة لتأمين خروجهم، بدلاً من القضاء عليهم، أو محاكمة من تم أسره من أعضائه لمحاصرة أنشطته التدميرية.

صفقة حزب الله تجدد التأكيد على أن تيارات الإسلام السياسى بمختلف أشكالها لم تشكل ضرراً على الإسلام فقط، بل دمرت أيضاً عدداً من دول المنطقة حين زعمت لشعوبها أنها تحكم باسم الله، فيما هى تسعى بالكذب والتدليس وممارسة كل ألوان العنف، لتحقيق أهداف سياسية ترسخ لثقافة التكفير والإقصاء والكراهية، وتروج لفتاوى الموت وإشعال الحرائق وتبرر القتل والدمار باسم الدين، وتعرقل خطوات التطور الديمقراطى لدول المنطقة!

أما جماعة الإخوان التى تسعى لتسويق نفسها دولياً باعتبارها البديل الوحيد لإرهاب تنظيم داعش الذى خرج من معطفها، فقد أصيبت بالخرس والصمم بشأن هذه الصفقة، وتجاهلتها، وواصل إعلامها الفضائى والمكتوب اجترار الأخطاء وإنكار الفشل، وتحميل الآخرين المسئولية عنهما، ولم يجد فى جعبته سوى سؤال ماكر يزين مكره ومراوغته بزعم الخوف والإشفاق على الشعب المصرى وهو يسأل: متى يتوقف الإرهاب فى مصر؟ والإجابة ليست فى القاهرة بل لدى من يعقدون الصفقات لحماية الذئاب المنفردة والرقص معها، أو من يصمتون عن فضحها إن فى جنوب لبنان أو فى طهران أو فى أنقرة ولندن والدوحة!.