رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

أولياء الأمور يدفعون سنوياً ما يقارب 20 مليار جنيه للدروس الخصوصية في مصر!

الميزانية السنوية لمشروعات التربية والتعليم بعد اقتطاع رواتب العاملين عليها- كادر إداري وتدريسي - لا تتجاوز حوالي 10 مليارات جنيه من إجمالي الميزانية المخصصة للتربية والتعليم تقدّر بحوالي 76 مليار جنيه!.

بين أعباء متزايدة تثقل كاهل أولياء الأمور بفعل الدروس الخصوصية، وبين ميزانية حكومية لا يمكنها الوفاء بالتوقعات – على الرغم من زيادة مخصصاتها في الموازنة العامة للدولة العام الحالي، وبين نظم امتحانات تفتقر إلى القياس المنهجي لجودة التعليم، تكمن المعادلة الصعبة التي تعترض جهود إحياء المشروع الحضاري لمصر.

نحن – باختصار- أمام مشهد عام تبدو فيه الدولة عاجزة عن تدبير موارد تكفل بناء مدارس جديدة تستوعب الطلب المتزايد على المدارس الحكومية، ويبدو أولياء الأمور «قليلي الحيلة» لتلتهم مافيا الدروس الخصوصية أموالهم وسعادتهم، كما تبدو وزارة التربية والتعليم في الوقت ذاته مثل عصفور يغرد خارج سرب أدنى المعايير الدولية للتعليم.

أمام هذا المشهد، فإننا نحتاج إلى البحث المتعمق في المشكلة بجرأة وشمولية، وليس فقط عبر تخصيص 10 درجات لحضور الطلبة إلى المدارس والتزامهم بسلوكيات تليق بقدسية الحرم المدرسي.

إن هذا المشهد الذي يدور بنا جميعاً في حلقة مفرغة يثير حزمة من أسئلة حائرة ربما تحدد الإجابة عنها مستقبل التعليم في مصر وفي مقدمتها:

- هل آلية التقييم الحالية التي تكرّس لثقافة «الامتحان» الفصلي أو النهائي تخدم مسيرة تطوير التعليم؟

- لو أنها كذلك، فلماذا يمد ولي الأمر يده في جيبه ليدفع ثمن درس خصوصي!.

- هل كانت ثقافة «الامتحان» الواحد سبباً رئيساً في انتعاش ثقافة موازية تحت عنوان «الدروس الخصوصية» و«حشو الإجابة النموذجية في عقول الطلبة» من أجل حصد العلامة الكاملة في امتحان نهاية التيرم أو امتحان نهاية العام؟

- ماذا لو اعتمدنا مبدأ «مدارس بلا امتحانات لمدة 4 سنوات دراسية»؟!.هل سيتوقف في هذه الحالة نزيف العقول والأموال؟.

- هل نمتلك جرأة تجميد الامتحانات التي تقوم على الحشو والاسترجاع لمدة 4 سنوات قادمة بحيث تُستبدل بعمليات تقويم عصرية مستمرة داخل الفصول الدراسية مع توفير مادة علمية إلكترونية مبتكرة وفق معايير موحدة تخضع لعمليات إشراف ومراقبة كاملة داخل المدارس؟

- هل من الممكن أن نبدأ في اللحظة التي نطبق فيها فكرة «مدارس بلا امتحانات» في إعادة تهيئة النظام التعليمي في مصر من أجل بداية جديدة بعد 4 سنوات؟!.

- هل من الممكن البدء في عمليات تطوير مهني للمعلمين يتواكب مع آليات التقييم الحديثة وفق خطة مدتها 4 سنوات؟

- هل سيعود المعلم في هذه الحالة إلى المدرسة ملتزماً بآلية تقييم مبتكرة تقيس تطور أداء الطالب بشكل مستمر ودوري على مدار العام؟

- هل سيكون ولي الأمر مضطراً لدفع ثمن الدروس الخصوصية بعد إنهاء فكرة الامتحان الواحد؟!.

- هل تكفي 48 شهرا لإعادة بناء منظومة تعليمية جديدة تشكل انطلاقة مصر نحو المستقبل؟!.

ربما تبدو الإجابة عن الأسئلة أعلاه شيئاً من خيال، لكن مصر قادرة على تحقيق ذلك في فترة زمنية وجيزة، إذا توافرت إرادة سياسية حقيقية - على يقين من وجودها لدى صانع القرار- وتطبيق مبادئ الحوكمة في كافة القطاعات بحيث يتم تسخير كافة امكانات وموارد الدولة من أجل إعادة تهيئة النظام التعليمي في مصر في 48 شهراً على أن نبدأ بتعديل تدريجي في نظم التقويم والامتحانات المتبعة حالياً، وتشييد مدارس جديدة وتطوير المعلمين وفقاً لأحدث المعايير الدولية في 4 سنوات.

إن كل مشروع اقتصادي جديد نُشيّده خلال السنوات الأربع المقبلة لن يبقى على قيد الحياة ما لم نؤسّس في المقابل 1000 مدرسة جديدة – بدعم مجتمعي وشعبي- بحيث تنشأ معه خارطة جديدة للمدارس المصرية التي تؤسّس لجيل يرعى ويحفظ تراثا وحضارة يعاد إحياؤها من أجل مستقبل يليق بهذا الوطن!.

إن الإجابة عن التساؤلات أعلاه يمكنها أن تشكل نواة حقيقية لمشروع حضاري عصري يضع مصر على طريق التنمية المستدامة بعد 4 سنوات من الآن!.

ولم لا؟!

[email protected]