عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

هل هناك خيوط رفيعة أو سميكة بين كرة القدم والسياسة في مصر ؟ أتصور أن هناك علاقة وثيقة بين الملعبين في مصرنا العزيزة.. من أكثر من نصف قرن لم تحقق لا كرة القدم ولا السياسة اختراقًا تاريخيًا تغيرت الدنيا بعده.

حلمنا في كرة القدم أن يكون لنا مشاركات دولية مؤثرة لا نكون فيها اقل من دول في أمريكا اللاتينية وافريقيا ولم يتحقق لنا ما تمنيناه وظلت بطولاتنا لا تتجاوز حدود القارة الأفريقية.. في السياسة ونهضة الدول حلمنا وتمنينا من نصف قرن أن نغادر ملاعب العالم الثالث إلى ساحات أكثر رحابة وتطورًا وتحضرًا وثراءً ولم يتحقق لنا ما تمنيناه.. تقدمت دول أقل منا شأنًا وموارد وتاريخًا وتأخرنا نحن.. الأسوأ أننا بددنا حتى ما بدا لنا بريقًا يومًا ما وحولناه إلى سراب.. في عالم كرة القدم كما في السياسة نبحث عن حل لمشاكلنا من خارج حدود العقل والجغرافيا.. نستعين بمدربين أجانب للمنتخب ولمعظم الأندية رغم أن المحصلة منذ ثلاثة عقود صفر، وفي المرتين التي وصلنا فيهما لكأس العالم كان المدرب مصريًا وفي معظم المرات التي فشلنا فيها للتأهل كان المدرب أجنبيًا  .

في كرة القدم نحن الذين نصنع من أنصاف الموهوبين نجوم سوبر كما نصنع من أنصاف الساسة طغاة وأنصاف آلهة.. في كرة القدم لم نعرف التعدد في أدوار البطولة – إما أهلي أو زمالك.. هناك احتكار لأدوار البطولة الكروية، كما في السياسة حيث لم نعرف الديمقراطية والتعدد منذ ثورة يوليو حتى يومنا هذا، وهناك احتكار تام للسلطة من قبل مؤسسات بعينها.. عندما نخسر في كرة القدم فهناك مؤامرة من الحكام أو أرضية الملعب – تماما مثلما نخسر في السياسة فهناك عالم يتآمر علينا ولا يحب لنا الخير والسلام..  في كرة القدم كما في السياسة نكبة بلادنا العشوائية في التخطيط وكما يبدو فريق الكرة الوطني غير متجانس ولا يعزف لاعبوه لحنًا مميزًا مدروسًا – كذلك الأمر في السياسة، يبدو الارتجال سيد الساحة ومعه يظهر الفريق الحكومي يعمل أعضاؤه في جزر منعزلة.

وفي كرة القدم كما في السياسة نحول الانتصارات الصغيرة إلي معجزات خارقة وغالبا ما ننسب المعجزة الوهمية إلى فرد سواء كان لاعبًا أو سياسيًا.. نحن بالقطع مصابون بمرض تاريخي اسمه « حتمية البطل المنقذ المخلص » الذي لو لم نجده لصنعناه من خيالاتنا وأوهامنا.. أما عن أوجه الاختلاف بين الساحتين الكروية والسياسية فإن أهم اختلاف أو فارق بين الساحتين أن أبطال الكرة لهم عمر في ملاعبهم وبعده لا يستطيعون الاستمرار ولابد من الاعتزال – أما أبطال السياسة فإنهم يؤمنون بالأبدية وأنهم أطول عمرًا من كراسيهم ولا يعرفون معنى للاعتزال، والنهاية لا تكون إلا بالموت أو الخلع.. الأمر الثاني أن هناك ديمقراطية حقيقية في النقد الرياضي دون الخوف من مصير مجهول لمن يتجرؤون على أبطال اللعبة – أما السياسة في بلادنا فإن حدودها ملغمة بالحديد والنار ومن تأخذه الجرأة فليكن مستعدًا لدفع ثمن مواقفه.