حكاوى
فعلاً أهم وسيلة للحرب على التجار الجشعين الذين لا هم لهم سوى مص دماء الناس، هو الرد عليهم بمنطق آخر مختلف، ليس بالرقابة عليهم فى الأسواق فحسب، وإنما بقيام الحكومة بإجراءات حماية للمواطن من هذا الجشع.. وإجراءات الحماية تأخذ أشكالاً مختلفة ومن بينها التدخل فى الوقت المناسب بتحديد هامش ربح وليس تحديد تسعيرة فى ظل اختفاء السوق الحر. وهذا الإجراء يحد من جشع التجار ويمنعهم من المغالاة فى أسعار السلع، وكل بلاد الدنيا التى تطبق الاقتصاد الحر، تفعل هذا الإجراء فى حالة الشعور بالخطر من جانب التجار.
وهناك أمر آخر يدخل ضمن إجراءات حماية المواطن من الجشع، وبالفعل حكومة المهندس شريف إسماعيل تقوم به حالياً، وهو التركيز على عرض السلع من جانب الحكومة بأسعار مناسبة لا مغالاة فيها، وتحد من المغالاة التى يقوم بها التجار الجشعون الذين لا يرحمون المواطن.
وقد تم تكليف وزارة التموين بالقيام بهذا الإجراء من خلال عرض السلع فى المجمعات الاستهلاكية بأسعار تقل كثيراً عن المعروض بالسوق، فمثلاً نجد كيلو اللحم السودانى بسعر خمسة وثمانية جنيهاً، فى حين أن سعره لدى الجزارين بلغ مائة وعشرين جنيهاً وهكذا.
هناك أيضاً خطوة بدأتها وزارة التموين وهى مشروع «جمعيتى» الذى بدأ ينتشر فى الأحياء المختلفة على مستوى الجمهورية ويتم من خلاله عرض السلع الحكومية بهامش ربح ليس مغالى فيه، وهو مشروع يوفر فرص عمل واسعة للشباب العاطل، فى ظل أن الحكومة تقدم السلع للشاب بدون دفع مقدماً ثم تعاود حسابه بعد البيع.
كل هذه الأمور التى تتعلق بإجراءات الحماية مهمة جداً، بل يجب على الحكومة التوسع فيها أمام جشع التجار الذى لا حد له، ينقص هذه المشروعات أن تكون مصممة على مستوى الجمهورية وبشكل واسع.. توفير الحماية للطبقات الفقيرة والمتوسطة، مسألة ليست سهلة أو بسيطة وإنما هى واجب على الحكومية أن تقوم به، ولا تتخلى عنه.. وهذه كلها وسائل مكافحة مهمة ضد الجشع أو أى فوضى فى الأسواق وأتمنى على وزارة التموين أن تستمر فى إجراءات الحماية لأنها ضرورة ملحة أمام طمع التجار الذي لا ينتهى. والوزير على المصيلحى لديه قناعة كاملة بهذه الإجراءات ويبقى عليه ضرورة الاستمرار والتوسع فى حماية الفقراء.