عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من يدفع أجر الزمار من حقه أن يحدد النغمة التي سيستمع إليها.. علي هذه القاعدة بدأت علاقة مصر بالولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع السبعينيات وحتى يومنا هذا.. علاقة سلمنا من بدايتها بأن أمريكا بيدها 99% من أوراق اللعبة وهي القادرة علي مساعدتنا، وعليه فقد أرحنا أنفسنا من التفكير في أي بدائل ودخلنا بيت الطاعة الأمريكي سعداء بهذا القدر السياسي وبهذه العلاقة التي وصفها أحد وزراء الخارجية المصريين السابقين بأنها أشبه «بزواج كاثوليكي» يعني لا فكاك منه.. تعاقب علي مصر خلال هذه العقود سبعة رؤساء أمريكيين (كارتر- ريجان- بوش الأب- كلينتون- بوش الابن- أوباما- ترامب) لم يتختلفوا في إدارتهم لبلدهم الكبير أمريكا ولم يختلفوا في علاقتهم بمصر- الحقيقة نحن الذين ابتهجنا مع كل رئيس جديد ومنينا أنفسنا بأربع سنوات من الهناء مع الرجل الجديد في البيت الابيض الذي سنأكل من يديه العسل والشهد ويملأ جيوبنا بالدولارات.. وما إن يكشر بوجهنا الرجل أو الكونجرس أو الخارجية، نولول ونلعن أبو الخاين الغدار الذي نقض وعده و«أكلنا لحم ورمانا عضم»..

 بصراحة، الطريقة التي نفهم بها علاقتنا بالولايات المتحدة علي المستوى الشعبي والرسمي طريقة مخزية تقرب هذه العلاقة من صفات وطبائع العلاقة العاطفية المسبوقة الدفع.. من يومين أعلنت أمريكا أنها خفضت مساعداتها لمصر وجمدت مبلغاً آخر والسبب ملف حقوق الإنسان.. بغض النظر عن الأسباب التي كشفت عنها الإدارة الأمريكية لكن ما يدعو للأسف هو رد الفعل الرسمي والشعبي سواء علي مواقع التواصل أو عبر وسائل الاعلام التي أصبح معظمها أكثر شعبوية من اتجاهات الناس في الشارع.. القاسم المشترك كان الاعلان بأن كرامة مصر برقبة أمريكا وفلوس أمريكا وطظ في أمريكا.. الحقيقة ان الشعور بالحزن والاسي من هذا النمط من التفكير والأفكار له أسبابه القوية جداً.. نحن نكرر الخطأ وننتظر نتيجة مختلفة, فليست هذه هي المرة الاولي التي تصدمنا فيها أمريكا وحدث ما هو أكثر قسوة وخشونة من ذلك ومع كل الرؤساء السابقين.. لماذا نغضب إذن وقد قبلنا من البداية أن نكون الطرف الأضعف المتمسك بالبيت الابيض مهما كانت الخسارات منه ومعه.. في العلاقات الدولية خاصة مع الدول الكبرى المسألة ليست عواطف نتبادلها وصورا بين القادة وكيميا تسللت من فلان لعلان.. المسألة ببساطة ماذا ستضيف هذه العلاقة لبلدى واقتصاد بلدى واستقرار بلدى وتطور بلدى؟ من منتصف السبعينيات الي اليوم وخلال 40 عاماً من العلاقة مع الصديق الأمريكي تراجعت أحوال مصر اقتصادياً وثقافياً وسياسياً واجتماعياً.. وفي المقابل استفادت أمريكا من علاقتها بمصر باستكمال سيادتها علي الشرق الاوسط ومنابع الطاقة وتعظيم قوة إسرائيل وإضعاف مواضع القوى المنافسة لها خاصة الاتحاد السوفيتي سابقاً وروسيا حالياً.. علي مدى أربعين عاماً مع أمريكا لم تعرف مصر الاستقرار وعصفت بها موجات التطرف وظل الصديق الامريكي خلال هذه العقود الأربعة وفي الحقيقة واحدة في هذه العلاقة وهي «لا تدع مصر تحيا ولا تتركها تموت».. وفي كل مرة نستيقظ من الحلم نكتشف انه كابوس وأن العسل ليس إلا ترياقاً خادعاً واننا مع المساعدات ازددنا ضعفاً وهواناً وإيران المحاصرة أصبحت دولة كبرى في الاقليم وصاحبة تجربة سياسية واقتصادية جديرة بالاحترام.. وبدلاً من اعادة النظر في طبيعة العلاقات مع الولايات المتحدة وكيف تتطور بشكل يحافظ لنا على الكرامة والمصلحة استمرت علاقاتنا فاترة مع كل القوى المؤثرة في العالم وتمسكنا بمقاطعة إيران ارضاء للصديقين الخليجي والامريكي.. النتيجة ان الكل يلعب لحسابه ونحن مازلنا نلعب لحساب آخرين.