رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وطن تاني

يقول المثل الدارج «صبرى على نفسى ولا صبر الجزار عليا» والجزار والقصاب هو الذى يدير حانوتًا لبيع اللحوم بعد تشفيتها وتقطيعها ووزنها وفقاً لاحتياجات الزبون.. ويحضرنى فى هذا الموقف قول الفنان القدير عادل أدهم بأنه مأمور بالذبح والسلخ «ادبح زكى قدرة واسلخ زكى قدرة » أى أنه عبد مأمور لا إرادة له. وهذا هو الجزار الذى تناولته فى مواضع سابقة فى مقالات عدة وأقصد به صندوق النكد الدولى الذى يفرض الشروط القاسية التى وصلت الى حد التدخل فى توجهات التنمية «الاصلاح الاقتصادى» فالجزار يرى أن الخطأ الأساسى والجوهرى فى تشخيص المديونية الخارجية لنا يعود لتأثير السياسات الاقتصادية الخاصة التى كنا ننتهجها لأننا كنا نعيش فى حالة إفراط طلب دائم لمزيد من الاقتراض لإشباعه والحل من وجهة نظر القصاب القضاء على هذا المطلب المفرط عن طريق تخفيض الاستهلاك مع تشجيع الاستثمار والسماح لرأس المال الاجنبى بالعودة على أنقاض قطاع الأعمال العام الذى كان فى الماضى القطاع العام. مع إلزامنا بالتكيف مع الأوضاع المتغيرة والمضطربة للاقتصاد الرأسمالى العالمى.

ونحن من جانبنا لا نهمل أو نقلل من آثار  هذه السياسات التى انتهجتها مصر فى ضوء طبيعة التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية التى كانت سائدة خلال الفترة الماضية.

والمشكلة تكمن من وجهة نظرنا فى التطبيق العملى الذى قد يتمخض عن نتائج بالغة الخطورة فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى مصر لأننا قبلنا بهذا الوضع وأخشى ما أخشاه أن نبكى فى وقت لا ينفع فيه الندم ولا البكاء على اللبن المسكوب لأننا قد قبلنا شروط الجزار بعد أن قمنا بتسويق الدواب الى السلخانة كى يتم ذبحها ونفخها وسلخها على طريقة الذبح اليدوى غير المبرر، بل الأدهى والأمر قد قمنا بذبح إناث الدواب، هكذا يذهب الجزار او القصاب كى يربح أو يكسب بغض النظر عن أهمية الثروة الحيوانية بالحفاظ عليها.. نعاود القول إن احوالنا الاقتصادية تزداد سوءاً.. فلا الميل للاستدانة قد انخفض... ولا العجز بميزان المدفوعات قد هبط.. ولا التضخم فى الداخل قد كبح ولا جبل الديون قد انكمش.. ولا سعر الصرف قد استقر ولا القطاع الخاص المحلى والأجنبى الذى أعطى له الكثير من الضمانات والمزايا وبيعت له وحدات القطاع العام قد استطاع أن ينعش الاقتصاد المحلى، بل استغل الأزمة وراح يراكم أرباحه من خلال مشروعات خدمية وترفيهية مرتبطة بالتعامل الخارجى وأهملت الاحتياجات الاساسية للمواطنين وزادت بطالتهم وزادت حياتهم اليومية شقاءً على شقاء وكلما نظرنا الى حجم الأعباء المتوقع دفعها للدائنين فى السنوات القادمة «الجزارين المتحدين» مع المقارنة بإمكنياتنا المتواضعة والمحدودة فى ضوء الوضع الراهن واحتمالات تطوره أدركنا حجم الكارثة التى تنتظرنا إذا استمررنا على هذا الطريق.

نحن نرحب بالضغط علينا دون أن نأخذ معونات من أحد حتى لا يعايرنا أشقاؤنا بالمساعدة لأن اليد العليا خير من اليد السفلى.. نحن على استعداد أن نجوع لأن الحرة لا تأكل بثدييها ولكننا قلنا ومازلنا إننا فى مركب واحد وعلينا أن نوازن الحقوق والواجبات وأن نعيد النظر فى تحمل الفقراء دون غيرهم تبعات هذا الاصلاح اذا جاز لنا القول ووصفه، ولكن على الأغنياء سداد الفواتير كاملة لأننا جميعاً نسدد الضرائب طواعية لهذا الوطن الذى نشرف بالانتساب إليه،وأن تتساوى الأجور بين كل قطاعات الدولة حتى تتحقق العدالة الاجتماعية المفقودة التى نراها جلية فى توزيع  الدخول والثروات ولكن المساواة تتم فى تحمل الأعباء التى للأسف يدفعها الفقراء دون غيرهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.