رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تمثل عاصفة الحزم، التي انطلقت فجر يوم السادس والعشرين من مارس 2015م، تفعيلاً لاتفاقية الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي الموقعة في بداية الألفية الثالثة، ولمعاهدة الدفاع العربي المشترك المبرمة سنة 1950م. وتستند هذه العملية العسكرية إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على أن «ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس - بمقتضى سلطته ومسئولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق - من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه».

كذلك، تأتي هذه العملية استناداً إلى المادة 52 البند الأول من ميثاق الأمم المتحدة، «ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها. «بل إن البندين (2) و(3) من المادة 52 من الميثاق تجعل اللجوء إلى مجلس الأمن حل النزاعات الدولية هو الملاذ الأخير، وبحيث ينبغي أن «يبذل أعضاء الأمم المتحدة الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن». كذلك، ينبغي «على مجلس الأمن أن يشجع على الاستكثار من الحل السلمي لهذه المنازعات المحلية بطريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة تلك الوكالات الإقليمية بطلب من الدول التي يعنيها الأمر أو بالإحالة عليها من جانب مجلس الأمن».

      ونعتقد أنه لا يمكن فهم عملية عاصفة الحزم بمعزل عن الظروف الدولية المحيطة وتطورات الأوضاع منذ نهاية العام 2008م. فمع تولي الرئيس الأمريكي الحالي بارك أوباما مهام منصبه، لوحظ نزوعه إلى انتهاج سياسة عدم التدخل الأمريكي المباشر بقوات عسكرية في النزاعات الدولية. وقد ظهر ذلك جلياً في العملية العسكرية لحلف الناتو في ليبيا، والتي اضطلعت بها الدول الأوروبية فضلا عن بعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات وقطر. كذلك، يلاحظ أن الأزمة المالية العالمية قد ألقت بظلالها على ميزانية الأمم المتحدة. ومن ثم، كان من الطبيعي أن تعمد الأمم المتحدة إلى تشجيع المنظمات الدولية الإقليمية على القيام بدور أكبر في حل النزاعات الدولية. ففي 13 يناير 2010م، ناقش مجلس الأمن سبل تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية في معالجة الأزمات العالمية. وفي هذا الاجتماع، قال الأمين العام للأمم المتحدة: «إن العلاقة بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية هامة للغاية، فهي جزء من المشهد الجديد، الذي تكون فيه المشاكل التي نواجهها معقدة للغاية ومتشابكة لدرجة أنه لا يمكن لأحد أن يعمل بمفرده ودون مساعدة وتعاون الآخرين». وفي يوم الثلاثاء الموافق 6 أغسطس 2013م، عقد مجلس الأمن جلسة مناقشة مفتوحة بشأن التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية في صون السلم والأمن الدوليين. وفي 16 ديسمبر 2014 نظم المجلس جلسة مفتوحة حول تطور العلاقة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وفي هذه الجلسة، أكد المندوب الدائم لدولة الأردن أن «تعدد التحديات والنزاعات التي تواجه عالمنا اليوم، بالإضافة إلى الأعباء الإضافية التي تواجهها أنشطة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة يؤكد على ضرورة وضع استراتيجيات شاملة ومحدثة وإيجاد وسائل وحلول مبتكرة للتعامل مع هذه التحديات بفاعلية. وهذا يشمل دوراً أكبر للمنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية والتشاور معها فيما يخص تحديد ولايات حفظ السلام من جانب وتحسين آليات التعامل مع النزاعات الناشئة في أقاليمها من جانب آخر». وأكد مندوب الأردن على أهمية الاستفادة من المزايا الجغرافية والسياسية والثقافية التي تتميز بها المنظمات الإقليمية بغية تعزيز فعالية تنفيذ ولايات حفظ السلام والتعامل مع الصراعات، مبرراً ذلك بأن لهذه المنظمات قدرة على فهم الأسباب الجذرية للنزاعات ووقائعها بشكل أفضل، بالإضافة إلى قدرتها على فهم ثقافات ولغات واحتياجات سكان الدول الأعضاء فيها، وهو ما يساعدها على المساهمة بشكل فاعل في حل النزاعات سواء من خلال المشاركة في العمليات السياسية أو حماية المدنيين، وخاصة الفئات الأكثر تضرراً مثل النساء والأطفال.

      وفي الواقع العملي، وفي منطقة غير بعيدة عن المنطقة العربية، لا يفوتنا أن نشير إلى أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (Cédéao) تتمتع بقوة تدخل سريع جاهزة، ومتمركزة في سيراليون ومالي. وقد سبق لهذه القوة التدخل عسكرياً في كل من ليبيريا وسيراليون ضد أمراء الحرب، في التسعينات من القرن الماضي. وفي 4 سبتمبر 2012، تدخلت هذه القوة في دولة مالي، وذلك على إثر سيطرة بعض التيارات الإسلامية المتشددة على مدينة «ديونتزا» في وسط البلاد.

      وعلى هذا النحو، وإزاء قلة الاهتمام الأمريكي بمنطقة الشرق الأوسط، ونزوع الولايات المتحدة الأمريكية إلى التفاهم مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية على حساب الدول العربية، لم يبق أمام الأمة العربية سوى العمل العربي المشترك، للدفاع عن مصالحها وكبح جماح القوى الإقليمية الساعية إلى تقويض الأمن والاستقرار في الدول الناطقة بلغة الضاد.

أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة