رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحن مهرة وبشكل يفوق الوصف في صناعة المشاكل لأنفسنا، ثم البحث عن حلول لها، وعلى هذا النحو تدور حياتنا. أقول ذلك بمناسبة بعض الظواهر التي تثير الشك في حكمة بعض القرارات أو المواقف التي يتم اتخاذها من قبل العديد من الجهات الرسمية بما يؤدي في النهاية إلى نتائج سلبية على صعيد الوطن ككل، رغم أن هذه المواقف في ظاهرها تستهدف صالح الوطن والمواطن، إلا أنها في النهاية تؤدي لما يمكن اعتباره القضاء على فكرة الانتماء للوطن وعدم المبالاة بما يدور فيه بل الرغبة العارمة في الخروج من آفاقه الضيقة إلى العالم الخارجي الأرحب. وحتى لا يكون الكلام مرسلا إليك هذه الأمثلة الثلاثة وهي من الواقع:

جماعة من الناس رأوا أن جهة رسمية ظلمتهم ظلما بيّنا، فلم يجدوا أمامهم سوى أن يسلكوا الطريق القانوني لمواجهة تلك الجهة، وكانت البداية بتحرير محضر رسمي في قسم الشرطة بالواقعة لكي يبدأ الأمر مساره القانوني من تحويل المحضر للنيابة.. إلخ. ولأن الجهة موغلة في الرسمية فقد تم ترتيب الاتصال بها من قبل الشرطة الأمر الذي انتهى بالموضوع إلى الحفظ دون أن نقول التجاهل وإلقاء المحضر في سلة الزبالة. وبات أصحاب الشكوى لا يعرفون مصير ما آل إليه موقفهم وكيف يتصرفون: هل على أساس أن موقفهم سيجد طريقه إلى التحقق على يد القانون أم ماذا؟ وبعد طول انتظار ولأن الأمر لا يحتمل الانتظار، لم يجدوا أمامهم سوى الانصياع لموقف الجهة الرسمية دون أن يجأروا حتى بالشكوى باعتبار أن الشكوى في مصر المحروسة لغير الله مذلة!

تخيل نفسك في موقف هؤلاء : هل تواصل شعورك بالفخر والانتماء لهذا البلد الذي لا تسير فيه الأمور بالشكل القانوني اللازم لضمان حقوق البشر؟ أشك، وأتصور أن الشعور الذي سينتابك هو حالة من النقمة على الظلم الذي حاق بك – حتى لو كنت غير مظلوم، فالعبرة في النهاية بشعورك والذي لم تتطور آليات مواجهته لحد الفصل فيه من قبل الجهة المنوط بها هذه القضية.

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما لو تأملت حياتنا جليا للاحظت أنها مليئة بالأمثلة التي تعزز ما أقول. قرأت بالصدفة في أهرام الجمعة ردا لمسئول بالجمارك على سؤال لمصري بالخارج يريد أن يأتي بسيارته نيسان صني موديل 2012 فكان الجواب أن الجمارك 115 ألف جنيه، وإذا أضفت قيمة السيارة نفسها وشحنها بنحو 50 ألف جنيه – فلي تجربة سابقة في هذا الأمر – لكان الإجمالي 165 ألفًا رغم أن موديل 2018 يتراوح بين 190 ألفًا و200 ألف جنيه! تخيل الفرق بين موديلين بينهما 6 سنوات 35 ألف جنيه فقط!!

تخيل شعور هذا المواطن والذي لن يكون سوى أن الدولة تضع يدها في جيبه لأخذ ما تقدر على أخذه بدلا من تيسير موقفه والاكتفاء بتحصيل ما هو مناسب!

ولأن المجال لا يتسع أكتفى بهذا المثال الثالث والذي يلمسه مئات الآلاف من المواطنين ممن يستخدمون مترو الأنفاق يوميا خاصة خط الجيزة شبرا الخيمة، فشخصيا كرهت نفسي حينما استخدمت المترو للمسافة من الدقي إلى التحرير بفعل حالة الاختناق الشديدة من الحر الذي زاد من مأساته الزحام غير الطبيعي. تذكرت أن رفع قيمة التذكرة للضعف جاء بدعوى تحسين الخدمة في حين أنها لم تتقدم قيد أنملة. كان الخاطر الذي جال في ذهني هل من ردد هذه الحجة يكذب علينا من أجل أن يأخذ فلوسنا كمواطنين؟ تخليت لو أنني أو غيري انسقنا وراء هذه الخواطر وماهية رد فعلنا على مثل هذه السياسة؟ هناك تعبير دارج يقال في هذه الحالات: «إن شاء الله تولع» وهو الشعور الذي يعكس أقصى حالات عدم الانتماء، لا لشيء إلا بفضل سياسات خاطئة لن يؤدي استمرارها بنا سوى إلى التراجع للوراء .. وقتها يجب أن نكف عن السؤال عن أسباب عدم احتلالنا المكانة المناسبة بين باقي الدول!

[email protected]