عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدموع تسبق الحداد، والأسى يسبق الحداد، والحزن العميق يسبق الحرة على أرواح العباد، ها هي وسيلة المواصلات الأمنة تحصد الأجساد، ها هو الإهمال البشري يحاصر أقدم مرفق في البلاد، ها هو الاستهتار يهجم على ثروتنا كالجراد، ها هي نموذج للسوس الذي ينحر في أجسادنا، وأصبحت الضمائر سلعة تباع في الأسواق بالمزاد.

هل يكفي فقط أن نتلقى العزاء في الشهداء ونرتدي ملابس الحداد.. بكائية السكة الحديد.. ليست فقط على أرواح الأمنين المطمئنين إلى أقدم وسيلة تنقل في بلادنا تحولت من سكة السلامة.. إلى طريق الندامة.

كانت الاعجوبة فأصبحت اكذوبة، بكائية السكة الحديد هل تجعلنا نطالب كل من يحجز تذكرة أن يترك وصية قبل أن يستقل قطارات الهلاك! هل نبكي فقط على الأرواح؟ أم نبكي فقط على حضارتنا وتاريخنا وثقافتنا.. وتقاليدها الراسخة منذ عقود؟!نعم هذا المرفق جزءاً حيوياً يعكس كفاءة الأداء في باقي قطاعات الدولة. سبحان مغير الأحوال.

كانت السكة الحديد المصرية ثاني سكة حديد في العالم بعد لندن بل كانت تمثل الجيل الجديد من الحضارة ليس فقط في انتظام ايقاعها.. ولكن حتى في مبانيها.. سبحان مغير الأحوال

ساحة محطة مصر بالإسكندرية هذا المبنى التاريخي الذي يشع بالبهاء وهيبة الدولة نجد ساحته الأن عبارة عن أكشاك كئيبة.. القاعة الملكية تحولت إلى بوفية لبيع القهوة والشاي وأين الصالون التاريخي الذي جلس عليه الملوك والرؤساء... القي في المخازن وقد وصلت روح الاهمال لمجرد نظرة إلى الساعة الميقاتية في صدر الميدان والتي تقاس وقتها بساعة «بيج بن» في لندن أو إيقاع ساعة جامعة القاهرة.. فقد أصبحت الان لا يلتفت اليها أحد حتى لا يتحسر على مدى الاهمال الذي تعرضت له السكة الحديد. سبحان مغير الأحوال.

محطة سيدي جابر الشهيرة التي وثقتها عدسات التصوير لافلام الابيض والاسود.. ماذا جرى لها.. بقرار فردي أصبح "مول فاشل" لا يقبل عليه أحد رغم أنه افتتح أكثر من خمس مرات من بينها قيام الدكتور مرسي ورئيس وزرائه الدكتور هشام قنديل بافتتاحه كل على حده؟!.. وصالة كبار الزوار تحولت إلى مشروع تجاري.. نادي السكة الحديد العريق للعائلات تم هدمه وأصبح موقفا للسيارات لايستخدمه أحد.

حرم السكة الحديد.. انتصرت الروائح الكريهة وانتشرت القمامة... واستسلم للتعدي والعشوائية وسادت سماءة الضباب الأسود الداكن وابيدت المشاتل في المحطات.. فلا زهور.. ولا اعشاب ولكن عبارة عن أكوام من القاذورات والتراب.

فقد حظى المرفق منذ انشائه على اهتمام يستحقه على أجندة صاحب القرار السياسي، وشهد المرفق أياماً رائعة في عهد الحكومات المتعاقبة ووزراء من العيار الثقيل وعلى سبيل المثال كانت حكومة الوفد تختار افضل ساستها لكي تسند اليه وزارة المواصلات وأفضل كفاءة لإدارة السكة الحديد ومنهم المرحوم عبد الفتاح باشا الطويل، وزير المواصلات، الأسطوري في حكومة الوفد ورغم انه علم من أعلام القانون إلا انه كان من انجح الوزراء السياسية وأزدهرت السكة الحديد وتروي عنه قصصاً عديدة تعكس هذا الاهتمام فقد كان يحرص على حضور لجان اختبار الوظائف الميدانية وفي عهده صدرت لوائح نموذجية ارتقت بألياتها فعاليات السكة الحديد.

ولنا في جولات النحاس باشا في القطار وخروجه من شرفة لتحية الجماهير وكان قيام على رصيف محطة أسيوط من فرط نظافتها بل أن خطة التوسع في السكة الحديد امتدت إلى السودان وكانت رحلة للقطار الملكي من مظاهر محاولات الجالس على عرش مصر أن يلتقي بالشعب.

ورجل السكة الحديد كان يتميز بالشموخ سواء كان قائد القطار.. أو مساعده العطشجي الذي مثل دوره باتفاق الفنان محمد فوزي في فيلمه تقاسم البطولة فيه مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامه وكان محمد القصبجي هو سائق القطار.

لا نملك سوى القول في كل الأحوال.. سبحان مغير الأحوال!