رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

وقف فى الطابور، مد يده بالورقة المالية، طلب تذكرة للإسكندرية، قالت له الموظفة بشباك التذاكر بمحطة رمسيس وهى «تقبح» وجهها بتكشيرة غريبة «مفيش أماكن» رجاها بالبحث عن أى مقعد لو استثنائى، كررت الموظفة جملتها، غادرها متأففاً وسار خطوات إلى باب مكتب مديرها، انحنى عليه هامساً، وفى لحظات تبدل الموقف وتم حجز تذكرة له، ليهرول إلى القطار.

وتكرر نفس الموقف معى، قالت «مفيش أماكن.. اركبى القطار وأنت وحظك يمكن تلاقى كرسى فاضى»، وقررت ألا أخبرها بهويتى التى يمكن أن تتيح لى أى تذكرة استثنائية لدواعى العمل، وركبت القطار يا سادة عسى أن أجد مقعداً خالياً، وكانت المفاجأة.. نصف عربة القطار تقريباً خالية بلا ركاب، لأن موظفى الشباك أخبروا راغبى السفر كذبا بعدم وجود أماكن، وذلك أملاً فى ألا يتراجعوا عن السفر وبالتالى يدفعون غرامة السفر بلا تذكرة، وهى غرامة يحصل منها «الكمسارى» على نسبة إضافية لراتبه.

وللأسف واصل القطار مسيرته حتى الإسكندرية ونصف عرباته فارغة، بسبب تصرف موظفة الشباك المتعمد الذى أعتقد أنه يتم بالاتفاق مع الكمسارى من أجل الحصول على النسبة المستحقة من الغرامات، دون النظر فى المقابل إلى المليارات التى تضيع على الدولة بسبب كذبهم وزعمهم بعدم وجود أماكن، لان الكثير من المسافرين ينصرفون عن استقلال القطار حال معرفتهم بعدم وجود أماكن، ويفضلون أى وسيلة أخرى، وبالتالى يخيب ظن موظفة الشباك واتفاقها مع الكمسارى، وتخسر هيئة السكك الحديدية المليارات لسفر القطارات خالية تقريباً، بسبب طمع وفساد العاملين بها. قاعدة الهرم يا سادة فاسدة لفساد صغار الموظفين ليس فقط فى السكة الحديد، بل فى جل هيئاتنا ومؤسساتنا، فساد الصغار أخطر من فساد الرؤوس الكبيرة، الرأس الكبيرة إذا فسدت وتم كشفها ومحاسبتها انتهى الأمر، أما فساد الصغار فهو منتشر متغلغل كخلايا السرطان، متمدد وعريض لا يمكن القضاء عليه بسهولة لأنه سلسلة حلقاتها طويلة وملتفة، فساد القاعدة سيؤدى إلى انهيار الهرم كله لأن الأساس فاسد، وما يحدث فى السكة الحديد نموذج مما يحدث فى العديد من الهيئات لتكبيد الدولة مليارات من الخسائر على كل المستويات، التخريب المتعمد والإهمال وسوء الإدارة، وراء وصول العجز المالى فى هيئة السكك الحديدية لقرابة 42 مليار جنيه، وحدوث عجز فى النشاط، وفى التطوير والإصلاح والتدريب للكوادر والسائقين والفنيين.

وبسبب العجز والاهمال وكل ما سبق، يقتل الآلاف من المصريين الأبرياء فى حوادث القطارات، ويتراجع فى المقابل عدد الركاب إلى النصف تقريباً، ولم تغادر عملية تطوير خطوط السكك الحديدية مكانها تقريباً عما كانت عليه وقت إنشاء السكك الحديدية عام 1851 بفكرة من الخديوى عباس الأول، فلا تزال وفقاً للخبراء إشكالية الاعتماد على الخطوط الطولية والتى تتطلب صيانتها تكلفة أكبر، فى حين تتبع معظم دول العالم تأسيس سكة حديد بالخطوط ذات الروابط التقاطعية، كما لا تزال خطوطنا تعتمد على الإشارات الميكانيكية التى تنخفض بها مستويات الأمان مقارنة بنظام الإشارات الكهربائية، وتعطل الإشارات من أهم المشكلات التى تسبب الحوادث، بجانب وجود المزلقانات بصورة عشوائية بلا تقنية أو رقابة أو صيانة، مما يكرس وقوع الحوادث عبر هذه المزلقانات.

مطلوب الآن بعد تعدد كوارث القطارات تحسين موارد هيئة السكة الحديد لتحسين خدماتها وتأمينها، مطلوب تطوير حقيقى يتجاوز التصريحات وورش العمل، وأن يشارك القطاع الخاص فى تقديم بعض خدمات السكة الحديد فى إطار متوازن يتيح تحسين الخدمات وإنقاذ أرواح المصريين.

[email protected]