عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم مصرية

كان ركوب القطار في طفولتي فسحة.. ومتعة.. بل وحلماً.. وكان    ركوب القطار في شبابي سياحة واستكشافاً ومعرفة وطلبًا للعلم أي لأعرف.. ما لا أعرف.. ولذلك ظللت طوال حياتي أعشق ركوب القطارات.. وداومت على ركوب القطارات داخل مصر.. وخارجها.. وهي قطار الدلتا «الفرنساوي» الذي يستخدم السكة الضيقة، كنت أستمتع بركوبه بين دمياط وما حولها من قرى وعزب.. وكان لذلك أكثر من سبب..                                                                

< كنت="" مرة-="" مع="" خالي-="" في="" طريقنا="" إلى="" محطة="" سكة="" حديد="" دمياط="" لتخليص="" شحنة="" عطارة="" وحبوب="" وركبنا="" حنطوراً="" يجره="" حصان.="" وفوق="" كوبري="" دمياط="" القديم="" الذي="" نقله="" عثمان="" محرم="" باشا="" من="" إمبابة="" وقام="" بتركيبه="" على="" نيل="" دمياط="" عام="" 1930..="" فوق="" هذا="" الكوبري="" المعدني="" سمعت="" من="" راديو="" المقهى="" المقابل="" للكوبرى-="" على="" شط="" دمياط="" الشرقي-="" وجاءني="" صوت="" محمد="" عبدالوهاب="" يغني="" «ياوابور="" قول="" لي..»،="" ولم="" أعرف="" إلا="" بعدها="" أنها="" من="" كلمات="" أحمد="" رامي،="" ومن="" ألحان="" عبدالوهاب..="" كانت="" الغنوة="">

يا وابور قول لي رايح على فين..

يا وابور قولي لي وسافرت منين..

عمال تجري قبلي وبحري

تنزل وادي تطلع كوبري..

ما تقول يا وابور رايح على فين..

وكان عمري وقتها دون السادسة.. وكنا في عز أغسطس- يعني مثل الآن- لأن مياه الفيضان كانت تفور وتصنع دوامات وهي تصطدم بأعمدة الكوبري المنشأة من الأحجار صفراء اللون..

< وانطبعت="" هذه="" الصورة="" في="" داخلي..="" ومعها="" صورة="" تالية="" عندما="" اصطحبنا="" والدي="" رحمة="" الله="" عليه،="" أنا="" وأمي="" وأختي="" التي="" كانت="" تكبرني،="" في="" عز="" سنوات="" الحرب="" العالمية="" الثانية="" لتزور="" مساجد="" وقبور="" ومشاهد="" آل="" البيت="" في="" القاهرة="" ثم="" في="" طنطا="" وتنعم="" بالحمص="" وحب="" العزيز="" والحلاوة="">

وظل القطار هو وسيلتي الوحيدة للسفر في مصر.. ثم خارج مصر بين المدن الكبرى.. في كل دول أوروبا.. وفي الولايات المتحدة من شرقها إلى الغرب الأوسط.. وحتى ساحل المحيط الهادي.. عبر جبال ووديان كولورادو ربما لأستكشف مناطق حياة الهنود الحمر.. بل وركبته في ماليزيا من العاصمة كوالالمبور إلى مدينة ملقة التاريخية في جنوب ماليزيا وحاولت أن أغري ابني الكبير عندما كان يدرس للدكتوراه في غرب استراليا لكي نسافر معاً إلى شرق استراليا، حيث العاصمة سيدني وميلبورن في الجنوب الشرقي.

< وركبت="" القطار="" الفرنسي="" فائق="" السرعة="" من="" باريس="" إلي="" بروكسل="" ونعمت="" بوجبة="" غداء="" ساخنة="" في="" الذهاب..="" ووجبة="" عشاء="" في="" الإياب..="" واعتبر="" ركوب="" القطار="" فرحة="" للتأمل="" والمشاهدة..="" ومازلت="" أتذكر="" القطار="" على="" خط="" اركنر="" الذي="" ينقلني="" من="" برلين="" إلى="" ضاحية="" فريدريش="" هاجن،="" حيث="" مقر="" معهد="" الصحافة="" شهوراً="" عديدة،="" وكنا="" نضبط="" على="" تحركه="" ساعاتنا="" السويسرية..="" إذ="" كان="" هذا="" القطار="" أدق="" من="" تلك="" الساعات="">

< ومن="" فرانكفورت="" ومحطتها="" التقليدية="" التي="" أعادوا="" إقامتها="" بعد="" أن="" تم="" تدميرها="" بالكامل="" خلال="" الحرب="" العالمية="" انطلقت="" أستمتع="" بكل="" المدن="" في="" المنطقة="" وحتى="" مدينة="" ميونيخ="">

وأتساءل: لماذا كل قطارات العالم تجد فيها المتعة والأمان والنظافة.. إلا القطارات المصرية.. هل هو السلوك المصري عامة.. أم هو سوء الإدارة.. أم الاثنان معاً، وترحمت على قطاراتنا أيام زمان!!