رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

 

غالبا ما يفضى الفهم الحرفى والشكلى لتنفيذ الأوامر والقرارات  التى تستهدف الحفاظ على  مصالح عامة، ليس إلى الإخفاق  فقط  فى تنفيذ القرار، بل كذلك تعقيد المشكلة التى  كان يفترض أن التنفيذ  سيؤدى إلى حلها. عن مشكلة جزيرة الوراق أتحدث، بعد أن لاح فى الأفق أن سبل التوصل لحل لها ممكنة، لو أن التريث والتدبر والتفكير السليم كانت حاضرة إلى الجزيرة  قبل حضور السلطات التنفيذية لتطايرت أنباء الاشتباكات بين الأهالى وبين قوات الشرطة التى  ذهبت لتنفيذ اوامر استرداد اراضى الدولة ممن استولوا  عليها بوضع اليد، إلى الصحف والفضائيات  المؤيدة والأخرى المتربصة  والمناوئة التى تفتقد لعنصرى الأمانة والخلق وأدمنت امتهان  التوظيف السياسى لكل واقعة مهما كانت تفاهتها.

 ولهذا السبب فقد كان أبرز انباء الأسبوع الماضى هو الاجتماع الذى تم بناء على طلب من أهالى الوراق وضم اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة وعددا من قيادات الجيش والشرطة  والقيادات التنفيذية وأربعين مواطنا يمثلون  أهالى الجزيرة لمناقشة مشكلتهم وخطط الدولة لتطوير الوراق، ومخاوف الأهالى من أن يتعارض التطوير مع مصالحهم. الاجتماع استمر أربع ساعات، اتصل خلاله الرئيس السيسى بالمجتمعين تليفونيا عبر مكبر للصوت، مؤكدا لهم أن أحدا لن يضار، ولن تتعرض ملكية أى منهم للاستيلاء عليها دون موافقته.

ما تسرب للصحفيين ووسائل الإعلام عن الاجتماع الذى كان مغلقا، هو الاتفاق على ترك مسافة 30 مترا تشكل حرما للنهر ،وازالة المبانى المقامة على  أملاك الدولة، وتعويض أصحابها بمبالغ مالية مجزية إذا ما رحلوا بمحض ارادتهم عن الجزيرة، وفى حال تمسكوا بالعيش فيها فإن الدولة ستقيم مجمعا سكنيا فى المكان الذى تحدده داخل الجزيرة بديلا للمنازل التى سيتم إزالتها، والأراضى التى ستنزع ملكيتها لإنشاء محور روض الفرج سيتم تعويض ملاكها بمبلغ 200 ألف جنيه للقيراط  الواحد و 4 ملايين و800 ألف جنيه للفدان وهو التعويض الذى وعد اللواء الوزير ببحث زيادته بناء على طلب الأهالى. أما مستأجرو الأراضى فإن الدراسات تعد لتعويضهم بأرض بديلة فى منطقة الريف المصرى، فضلا عن الاتفاق على المحافظة على كل الأراضى الزراعية الموجودة فى الجزيرة .

وعد اللواء الوزير ببحث جدى لطلب سكان الجزيرة بإطلاق سراح المحبوسين منهم ووقف قرارات الضبط والإحضار التى اعقبت الاشتباكات بينهم وبين قوات الشرطة اثناء تنفيذها لقرار ازالة التعديات على أراضى الدولة فى الجزيرة قبل نحو اسبوعين.

إذن فقد انتقلت الدولة  بهذه الخطوة الهامة من مرحلة الصدام إلى مرحلة  التفاوض والحوار، تصحيحا لخطأ ينبغى ألا يتكرر، تستر وراء تصرف جموح تحت شعار الحفاظ على هيبة الدولة، فكانت النتيجة أن توحد كل الذين ينتعشون من الصيد فى الماء العكر مع غضب أهالى الوراق  للتحريض على الدولة وإجراءاتها الخائبة.

ما تم هو منهج جديد يقوم على دراسة الواقع دراسة دقيقة  تفرق بين أرض استولى عيها   فرد واحد أو شركة خاصة تحايلت فى شروط الحصول عليها، وبين منطقة سكانية محتشدة بالسكان، ويعتمد أسلوب التفاوض مع أصحاب  المصلحة، بإشراكهم بالمناقشة والإقناع فى التوصل لحلول للمشكلة، وإبراز المصالح العامة التى تضررت من الصرف الزراعى والصرف الصحى اللذين لوثا مياه النهر ،والكشف على المنفعة العامة التى ستعود عليهم بالفائدة من خطط تطوير الجزيرة التى تتضمن إنشاء شبكة طرق وبنية تحتية جديدة ومشاريع للصرف الصحى والزراعى ومستشفى، فضلا عن مشروع سياحى يتيح فرصا للعمل.

سرعة الانجاز لإزالة التعديات على مياه النيل وعلى أملاك الدولة  مطلوبة، لكنها ينبغى أن تضع فى الاعتبار تهيئة الأجواء السياسية والاجتماعية  الملائمة ولاسيما فى القضايا التى تمس مشاكل جماهيرية، والمنهج الذى اتبعه اللواء كامل الوزير مع أهالى الوراق، ينبغى ان يعتمد كأساس للتعامل مع بقية جزر النيل الأخرى أو مع غيرها، بعد أن أثبتت التجربة انه منهج قد يستغرق وقتا أطول، لكن المؤكد أنه يسفر عن نتائج قادرة على الثبات.