رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤيــة

إن أقنعة الوطنية والتدين التى تتغير وتتبدل على وجوه رموز وأصحاب هامات بعض من كان لهم بعض الأدوار الإصلاحية والفكرية والريادية التى لا ينكرها لهم الوطن يُعد أمراً غريباً يستدعى ضرورة التوقف والسؤال: لماذا ؟ وقد تابعنا الأمر يتكرر عبر التاريخ.

على سبيل المثال، يقول المؤرخ الدكتور يواقيم رزق مرقص.. «كتب مصطفى كامل الزعيم الوطنى إلى أحد أصدقائه الفرنسيين بأن أمله قد خاب فى فرنسا التى فضلت المساومة مع انجلترا عوضاً عن الدفاع عن استقلال مصر ..وفى الداخل اتخذت دعوته شكل الخطابة والكتابة، فكتب الكثير من المقالات الوطنية فى جريدتى الأهرام والمؤيد ..إلا أنها ضاقت بموهبته وبآماله الكبار، فكان أن أصدر «اللواء» فى يناير 1900 مما يعتبر إنشاؤه علامة فى صحافة مصر الوطنية آنذاك، فقد حمل علم الجهاد وحده تقريباً، فى إيمان الواثق بحقه، المؤمن بعقيدته..»

يقول مصطفى كامل تحت عنوان «الدين والسياسة» فى العدد 37 بجريدة اللواء بتاريخ 12 فبراير 1900: أوضحنا فى مقالات متعددة أن الدين والسياسة توأم لا يفترقان بالبراهين المحسوسة والدلائل القوية أن الدول الأوروبية لم تنل من المدنية والمجد والسلطة ما نالت إلا باعتمادها على مبادئ الدين فى سياستها حتى صح أن تسمى السياسة الأوروبية بالسياسة المسيحية لكونها ترقى دائماً إلى رفع شأن الدين المسيحى على غيره من الأديان وتجعل رجاله آلة قوية فى الشرق الأدنى والأقصى لبلوغ غاياتها السياسية ومآربها المختلفة ..ومن يتصفح تاريخ الدولة العلية ويمعن النظر فى أحوالها من أول يوم وضع فيه أساسها إلى هذا اليوم يجد أن أوروبا لم تحاربها إلا بسبب الدين ولم تتدخل فى شئونها الداخلية إلا بدعوى نصرة الدين ولم تعادها إلا لأنها دولة إسلامية.

إلى هنا ينتهى الاقتباس من جريدة اللواء وحديث مصطفى كامل إلى الغرب وإلى مواطنيه على أرض المحروسة، والتى نرى فيها الجانب المتناقض من شخصية الزعيم وهو صاحب الأدوار التنويرية والوطنية الرائعة.. من منا يمكن أن ينسى دوره فى إنشاء أول جامعة فى مصر وغيرها من المساهمات الوطنية والفكرية عبر المشاركة فى اتخاذ المواقف والقرارات الحضارية غير المسبوقة والداعمة لنشر الحرية والمساواة والعدالة والاستفادة بإنجازات الغرب.

وعليه، أمر مُستغرب ومُستهجن تفسير الزعيم للأحداث السياسية العالمية فقط عبر رؤية دينية تجعله يصل إلى حد القبول باستعمار الأتراك لأنهم فى النهاية دولة مسلمة، وفى المقابل رفض الاستعمار البريطانى لأنهم دولة مسيحية.. ويبقى السؤال ألا تتطابق تلك الرؤى والأفكار مع الأطروحات الإخوانية والسلفية التى نعانى من تبعاتها؟.

 والحديث عن دولة ينسى الزعيم المتحدث أنه بالفعل يعيش فيها غير المسلمين حكاية غريبة، والاعتقاد الجازم أنه لا تقدم يمكن أن يتحقق على أرض المحروسة إلا بتوأمة الدين والسياسة قائلاً «إن الدين والسياسة توأم لا يفترقان بالبراهين المحسوسة والدلائل القوية..».

والناس تسأل يا زعيم عن تلك البراهين المحسوسة والدلائل القوية، فلو أن الواعز الدينى والإيمان بالمعتقدات والشرائع السماوية هو السبيل الأوحد لتحقيق التقدم، فماذا عن شعوب ملحدة أو تعبد البقر أو الأوثان أو لا نعرف لها أديانا بالأساس وتحتل المقاعد الأولى فى دنيا العلوم والبحث العلمى والفنون والصناعة والزراعة والتجارة.. إلخ، وباتت تسبق دول عالمنا المتخلف الذى يدعى التدين وهو شكلى للأسف بفارق قد يحسب بالسنين الضوئية؟

أما كان الأجدر بالزعيم وأى زعيم أو صاحب قرار يحلم شعبه بالانتصار وتجاوز دنيا التخلف أن يناشد شعبه البحث عن المعايير العلمية والأسباب الموضوعية الحقيقية كشروط للانضمام إلى قوائم الدول المتقدمة؟

[email protected]