رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

يبدو أن حكومة شريف إسماعيل أصبحت فى حاجة ماسة إلى متخصص فى علم النفس السياسى، يحميها من غباء مستحكم يكاد لا يفارقها فى كل خطوة أو مشروع تقدم عليه، حتى ولو كان هدفه الأساسى مصلحة المواطن.

فلا يختلف اثنان على أن الحكومة خرجت من معركتها فى جزيرة الوراق، بخيبة قوية، زادتها ارتباكا وضعفا، وهى تواجه مواطنين فقراء، كان يمكن أن يكونوا مع الحكومة وليس ضدها، إن تعاملت معهم مسبقا بشكل آدمى، وبطريقة تشعرهم بأنهم ليسوا فى عصر التتار ولا يحكمهم «هولاكو».

أهل جزيرة الوراق، غلابة مثلنا، أوجاعهم نفس أوجاعنا، بنوا بيوتا فى أرض الدولة، واستخرج بعضهم رخص بناء وحصل على عدادات كهرباء ومياه، فيما بقى الآخر دون أوراق ثبوتية. وأقاموا عمائر وبيوتا بجوار فيلات أبناء الأكابر ورجال الأعمال، وإذ فجأة تأتيهم قوات تباغتهم وتأمرهم بالرحيل الفورى، من بيوتهم ومن الأرض التى حملوا رائحة طينتها وترابها وزرعها، فيما بقيت محصنة، بيوت المحظوظين والذين يحملون «صكوك الواسطة»، والمحمية ظهورهم بـ«باشوات الفوضى».

الناس فى جزيرة الوراق مثل سكان كل جزر مصر، بسطاء، مطحونين، ولا يتحملون بأوضاعهم وظروفهم الاقتصادية السيئة، من يأتى إليهم فجأة ويريد تهجيرهم بحجة التطوير والاستثمار، أو جعل منطقتهم جنة الله فى الأرض أو الزمالك الثانية - كما قيل لهم.

ماذا كان يحدث لو أن رئيس الحكومة توجه بنفسه إلى سكان الجزيرة، ومهد لهم طريق تطويرهم، والنقلة الحضارية الكبرى التى تنتظرهم، أقدم وأثبت لهم بالأدلة القاطعة أنهم باقون فى الجزيرة ولن يتم ترحيلهم أو معاملتهم مثل سكان العشوائيات؟ وماذا يحدث لو أن محافظ الجيزة ورئيس الحى وغيرهما من المسئولين اجتمعوا بالسكان، وأفهموهم أن الدولة بجانبهم ولن تتخلى عنهم، ولن تبخسهم حقوقهم، وأنهم بمختلف فئاتهم وأعمارهم سيكونون محل رعاية اللجنة المشكلة لتطوير الجزيرة وطرحها للاستثمار؟

وماذا يحدث لو أن الحكومة كانت قد نسقت مع السادة أعضاء مجلس النواب الموقرين عن المنطقة، وطلبت منهم أن يقوموا بزيارة قصيرة لأهل الجزيرة، ويقدموا لهم بهدوء خطة الحكومة، لتطوير الجزيرة، وأقنعوهم أن كل خطوة ستكون لمصلحتهم، مع أخذ الضمانات الكافية على الحكومة بتوفير البديل المناسب - فى نفس المنطقة - لكل من يتعرض بيته للهدم والإزالة؟.

إن ما حدث فى الوراق، يمكن أن يتكرر فى جزيرة الذهب والقرصاية وغيرها من الجزر، وتضيع هيبة الدولة، وتعود ريما لعادتها القديمة، وتعم الفوضى، ويتم تفريغ شعار استرداد حق الدولة من هدفه الأساسى وهو تقنين أوضاع الفقراء. ويستغل الأزمة كل من يريد أن يستثمر معاناة المصريين ويتاجر بها، وكل من يجيد ترويج الشائعات والأكاذيب التى تعيد صورة الدولة للمربع صفر، وإلى ما كانت عليه فى أعقاب ثورة 25 يناير.

لقد تعجبت كثيرا، عندما سمعت عن لقاء وشيك يرتب له بين أهل جزيرة الوراق ورئيس الوزراء.. فأين كانت هذه الخطوة المتأخرة جدا؟ ولماذا دائما تتحرك رأس الحكومة وتشتغل بشكل جيد بعد حدوث الأزمة وليس قبلها؟! وما مصير أهل الجزيرة الذين تم القبض عليهم وهم يدافعون عن بيوتهم وأعراضهم وأموالهم، ووقفوا فى وجه بلدوزر الدولة؟

إن الأزمة برمتها تكشف عن قصور سياسى كبير فى رأس حكومة، تسير بالبركة، وتعمل بسياسة مواجهة الواقع حتى ولو كان على حساب هيبتها.

[email protected]