عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سطور

(وظنى أن أهم ما يجب إيجازه هو أن التفكير فى حقائق الوجود أو ما يسمى عادة بـ«التأمل» يعد من أهم العبادات، وأنه أيضا هو الطريق الوحيد للوصول الى الله ولا طريق غيره، ولم يكن دلك رأى «العقاد» وحده فحسب بل كان أيضا ما انتهى اليه العديد من الفلاسفة والمفكرين من أمثال «كانط» وغيره....).

كانت تلك السطور هى ما اختتمت به مقالى السابق والثالث على التوالى ضمن السلسلة المتصلة حول «الطبائع الأربع» والتى وددت المرور من خلالها على تلك الطبائع وخاصة فى حياة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وذلك فى اطار ما ورد فى كتاب «عبقرية محمد» لمفكرنا وأستاذنا الكبير «عباس محمود العقاد».

وقد ورد المعنى المراد من عبادة التفكير أو التأمل على لسان رسولنا الكريم وهو ما استقى منه كاتبنا كلماته العميقة فى كتابه عن سيدنا محمد، فقد قال رسولنا ونبينا الكريم فى رواية عن ابن عباس «أنه أفضل من الصلاة والصيام والحج والجهاد فى سبيل الله» لأنه سبيل الوصول الى الله.    

واذا كنا قد تحدثنا عن روح العبادة، وعن فطرة العابد التى توحى اليه «عبادته الروحية».... لذا أود اليوم أن نستكمل فى الجانب الآخر ونتطرق قليلا الى عبادة الشعائر الظاهرة أو بمعنى آخر عبادة الاسلام «الفرائض» كما فرضت على جميع المسلمين.

ومما ورد فى السيرة النبوية الشريفة يمكننا أن نخلص إلى الآتى: أن النبى محمد عليه أفضل الصلاوات وأذكى التسليمات كان يصلى ويصوم ويؤدى الزكاة، وكان النبى الكريم يسير دائما على نهج التيسير والسماحة، تلك الصفات التى بدت جلية فى أعماله كافة؛ فقد كان يطلب الى نفسه ما ليس يطلبه الى غيره، وسأستخدم تعبير « العقاد» هنا للمزيد من التوضيح  حيث كتب الآتى:

«فكان محمد أخف الناس صلاة على الناس وأطول الناس صلاة على نفسه، وربما قام الليل أكثره أو أقله ولا يدين أحد بالتهجد كما كان يتهجد أو بالصلاة والصيام كما كان يصلى و يصوم، بل قد نهى الناس أن يشتدوا فى العبادة فيصبحوا كالمنبت (لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى)....

ولأن الناس جميعا يتلقون الأمر بالعبادة كما يتلقون الأمر بفريضة واجبة، فهم فى حاجة الى الرفق والتيسير.....

أما النفس المفطورة على العبادة فالصلاة عندها مناجاة حب وفرحة لقاء، ومطاوعة لميل الضمير وميل الجوارح على السواء».

ويستكمل مفكرنا النادر « عباس العقاد » قائلا.... 

وكان محمد إذا حزبه أمر صلى، كذلك إذا حزب الأمر نفسًا رجعت الى من تحب فخف وقرها وانفرج كربها، وأنست بعد وحشة واهتدت بعد حيرة».

وتأملوا معى دقة مفردات «العقاد» العظيم فى الوصف الدقيق لتلك الحالة من العبادة، وكيفية الاحساس بها وممارستها.... 

والخلاصة هى : انه متى وجدت النفس «فرحة اللقاء» أثناء إقامتها لأى من الشعائر سواء فى الصلاة أو الصوم أو..... إذن فلن تجد مجالًا فيها للشعور بإجهاد فى الجسد ولا تضييق الوقت، بل على العكس حيث إنها تجد فيها الترويح عن الجهد والتنفيس عن الضيق.