رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

«عايز قميص جديد».. قاطعته أخته الكبرى: لا جزمتى اتقطعت ومش هاروح بيها الكلية كده أنا أولى منك، وصرخ أخوهم الأصغر: شنطة المدرسة أتبهدلت.. وكمان عايز مصروفات الكتب الناظر طلبها وهددنى مش هدخل المدرسة لو ما دفعتش، صرخ الطفل الوليد الذى كان منذ لحظات مستكيناً على كتف أمه وكأنه يذكرهم أيضاً بطلباته: اللبن الصناعى والبامبرز وخلافه، فيما صمتت الأم يأساً، فلا يمكنها طرح أى مطالب فى زخم مطالب أولادها، لا يمكنها أن تقول إن العباءة اليتيمة التى تخرج بها اهترأت، وكذا الحذاء والحقيبة، وتحتاج لدواء السكر الذى احتل جسدها مبكراً، ومحتاجة خزين للبيت، والتلاجة فارغة، ولم تطبخ أى نوع من اللحوم منذ شهر ونصف الشهر للأولاد، ومقضينها «أى حاجة».

أخرج الأب راتبه المحدود من جيبه، وضعه على المائدة، وطلب من أولاده تقسيمه وفقاً للأولويات العائلية وليس أولوياتهم الخاصة، وأن يفكر كل فرد فى الآخرين، إلا أنهم قفزوا على الجنيهات، وحاول كل منهم اختطاف ما تصل إليه يده،  وتنازعت الأيادى الورقات المالية فتمزقت وتلفت تماماً، عندها فقط تنبهوا إلى أنهم مزقوا مالهم ودمروا ما كان سيلبى احتياجاتهم وليس أمامهم البديل.. انتهت القصة، والمعنى واضح، هذا ما نفعله كشعب مع القيادة وأيضاً ما تفعله معنا القيادة، نطلب ولا يرى أى منا سوى أن مطالبه هى الأهم، وأن كارثة ستقع إذا لم تتحقق مطالبه بل الأكثر كارثية أنه يعاند، ويبلطج فى عمله انتقاماً لأن الدولة لا تلبى كل احتياجاته، وهو يعلم تماماً أن توقفه عن العمل والإنتاج سيزيده فقراً وسيزيد الدولة خراباً.

أنانية وعشوايئة فى السلوك بلا أى تفكير أو خطة، نتواكل كشعب ولا نتوكل بعد أن نعقلها كما يأمرنا الدين، وكما يفعل الشعب، تسبقنا الدولة فى فعله فهى تتخذ قرارات أنانية.. عشوائية كارثية دون دراسة بعلة العجز وخزانتها الفارغة وتتواكل ولا تعقلها أبداً، وإلا ما معنى زيادة الأسعار بهذه الشكل الجنونى كل يوم ومواجهة الزيادة مؤخراً بزيادة طفيفة فى الرواتب والمعاشات، ما معنى رفع مخصص بطاقة التموين إلى 50 جنيهاً لكل فرد، وفى الوقت نفسه زيادة سعر السلع داخل البطاقة لتلتهم فرق الزيادة، ما معنى إنشاء عاصمة إدارية جديدة باستثمارات مصرية بعد أن خلعت دول ولعقت وعودها، وكان يمكن إرجاء المشروع وتوجيه الاستثمارات الداخلية إلى مشروعات تنموية منتجة لإنقاذ شبابنا من البطالة والفقر والجريمة، ما معنى بقاء مئات المصانع مغلقة كخرابات، دون توجيه الاستثمارات الداخلية على الأقل إليها لتجديد آلياتها وتشغيلها وإنقاذ عمالها من التشرد والضياع، ما معنى زيادة أسعار البنزين بهذه النسبة غير المسبوقة، دون عمل خطة تنفيذية لإنقاذ البسطاء من تحمل هذه الزيادة فى المقام الأول، كنشر المزيد من الأتوبيسات العامة، تمهيد الطرق للدراجات، تحسين كل الخدمات لوسائل النقل العام لتقليل استخدام السيارات الخاصة، توفير الطاقة وتقليل زحام الطرق وليصبح قرار رفع سعر البنزين «بـجميلة» وله وجه إيجابى، ثم أين تنفيذ البطاقات المدعومة التى وعدتنا بها الحكومة للتخفيف عن أصحاب السيارات البسيطة وعدم معاملتهم كأصحاب السيارات «أم ملايين»، وعشرات من القرارات غير المدروسة كتعويم الجنيه.. رفع الفائدة وغيرها مما أصابنا بالفاجعة والفقر والضرر.

يا من تقودون هذه الشعب، وتتسببون بقراراتكم الجزافية فى إفقار الشعب وطحن الفقراء وفوقهم الطبقة المتوسطة، اعقلوها أولاً قبل أن تقرروا، خذوا بالأسباب، وهيئوا الأسباب، وكفاكم تواكلاً وعشوائية.. وللحديث بقية!

[email protected]