رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وسط هذا الكم الهائل من الاضطرابات نعيش فى منطقة الشرق الأوسط؛ فالصراعات والاختلافات بين شعوب المنطقة هى الوجبة الرئيسية على مائدة شعوبها يومياً.. أمة تشرذمت على نفسها وحولت خناجرها إلى صدور أولادها؛ ولا يوجد بين أبنائها عاقل واحد يحول دون وضع العربة أمام الحصان؛ كل هذا يصب لا محالة فى مصلحة إسرائيل على كافة الأوجه وبالأخص الجانب الاستراتيجى.

وهذا ما يبرزه المحلل السياسى آرى شافيط ملقيًا نظرة عامة على وضع إسرائيل الاستراتيجى الناجم عن التطورات فى المنطقة العربية، فيقول: «وضعنا لم يكن على الإطلاق مريحًا وآمنًا كما هو اليوم، كما أن التفوق الجوى والاستخباراتى والتكنولوجى يحوّل إسرائيل إلى كيان مستقر، بينما منطقة الشرق الأوسط مفكّكة. ويعتقد شافيط أنَّ «جزءًا أساسيًا من قصة النجاح فى السنوات الأخيرة، ليس نابعًا من عمل إسرائيلى، ولكن تضافرت العديد من العوامل التى دعمت هذا النجاح وعضدته، ومن بينها موقف باراك أوباما مانح إسرائيل متسع من الوقت فى مواجهة التهديد الوجودى الإيرانى. فكل ما فعله أوباما مع إيران فى أثناء توليه الحكم كان فى مصلحة إسرائيل حتى إن ظهر فى بعض الأوقات عكس ذلك؛ ولكن العامل الأهم بالنسبة لإسرائيل كان هو الحرب السورية التى أدخلت «حزب الله» فى أزمة تنظيمية وسياسية، وهو ما يخدم مصالح دولة إسرائيل.

ويضيف أن ذلك يحتم على إسرائيل استخدام قوة غير مسبوقة، فلن يكون كافيًا القصف الكثيف من الجو، بل سيتطلب الأمر من الجيش القيام بعملية برية كبيرة؛ وهذا ما تعمل عليه إسرائيل مؤخرًا؛ خاصة أنه يوجد فى الشمال تحدٍّ لم يواجه الجيش الإسرائيلى بمستواه فى الأعوام الماضية، وهذا سبب آخر بالنسبة إلى إسرائيل للمحافظة على الردع حيال حزب الله وإبعاد الحرب المقبلة قدر الإمكان.

ومن هذا المنطلق استثمرت إسرائيل الدور الكردى فى مواجهة المخاطر الشرق أوسطية المحيطة بها، فهى مثل واشنطن وموسكو تدرك أهمية الأكراد فى الشرق الأوسط، كسدّ يشكل مناطق عازلة فى وجه طوفان الإسلاميين، وكقوة مقاتلة ومدربة فى مواجهة داعش. ومن هذا المنطلق كان على إسرائيل القيام بخطوات متنوعة، من خلال مد يدها إلى الأكراد، والوقوف رأس حربة فى دعم حقهم فى تقرير مصيرهم، ومساعدتهم فى مجالات كثيرة غير عسكرية؛ كل ذلك بهدف تشكيل «بداية مسار لبناء تحالفات مع أقليات أخرى، تكون تحالفات حقيقية وموثوقًا بها وقابلة للاستمرار».

وعلى الرغم من أن الرئيس السابق لمجلس الأمن القومى يعقوب عميدرور، يرى أنّ قدرة إسرائيل على تغيير ما يجرى فى المنطقة محدودة جدًا، ولن يكون لأى اتفاق بينها وبين الفلسطينيين أثر فيما يحدث.. وتبقى الفائدة التى سيجنيها الشرق الأوسط من اتفاق إسرائيلى فلسطينى، تغيير منظومة العلاقات بين إسرائيل وجزء من الدول العربية. إلا أن إثارة قضية الأكراد ودعمها سيكون داعماً لإسرائيل لإحداث ما تريده من إثارة القلاقل فى المنطقة والاستفادة من ذلك.

ومع ذلك سيتعين على إسرائيل خلال الأعوام المقبلة، مواجهة تنظيمات مسلحة غير دولية تنتشر حولها. ومن المحتمل أن تصبح العناصر الأكثر راديكالية فى العالم الإسلامى هى المسيطرة فى الضفة الغربية وقطاع غزة، وهى من سيقرر قواعد السلوك حيال إسرائيل، التى ينبغى أن تأخذ فى الحسبان احتمال تغير الوضع الروتينى الذى اعتادته إلى حالة من المواجهة القتالية المباشرة معها بصورة مفاجئة. ومع كل هذا يبقى أن المستفيد الأول مما يحدث فى المنطقة هو إسرائيل؛ فلم تعد هى العدو الأول للعرب بل على العكس هناك تحالفات عربية إسرائيلية ضد العرب وعلى رأسها بالطبع التحالف القطرى الإسرائيلى؛ ويبدو أننا فى زمن الأمة العربية التى استفادت من تشرذمها الإمبريالية العالمية وعلى رأسها إسرائيل!