عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طبيعة العبادة: تدعونا إلى الاتصال بأسرار الكون للمعاطفة والتآلف بيننا و بينها.

وطبيعة التفكير: تشب النار المقدسة فى سرائرنا, والكشف والاستقصاء.

أما طبيعة التعبير الجميل: فتصهر معادن الجمال من هذه الدنيا وتفرغها فى قوالب حسناء من صنع قرائحنا وألسنتنا, أو صنع قرائحنا وأيدينا, أو صنع قرائحنا وأوصالنا.

وأخيراً طبيعة العمل والحركة: تعلمنا هى الأخرى كيف نتأثر بدوافع الكون, وكيف نؤثر فيها, وتجذبنا إليها فنستمد منها القدرة التى تجذبها إلينا.

فالاولى اذن تدعوننا الى الحلول من الكون فى أسرة كبيرة.

والثانية تدعوننا الى الحلول من الكون فى معمل كبير.

والثالثة تدعوننا الى الحلول من الكون فى متحف كبير.

والرابعة أيضاً تدعوننا الى الحلول من الكون فى ميدان صراع ومضمار سباق.

إنها الطبائع الاربع التى حدثنا عنها الكاتب الكبير موسوعى المعرفة, والمفكر المصرى النادر «الذى خاض العديد من المعارك الفكرية والادبية فى عصره», والشاعر «الذى أرسى قواعد مدرسته الشعرية الخاصة جداً», والصحفى «البارع والملتزم بأصول ومعايير المهنة» والسياسى المستقل «عضو البرلمان المصرى فى وقت من الأوقات, والذى كان من كبار المدافعين عن حقوق الوطن فى الحرية والاستقلال» انه أستاذى القدير وتاج رأسى عباس محمود العقاد– ومعذرة منكم ان كنت قد أطلت بعض الشىء فى كلماتى عند ذكر العظيم عباس العقاد ولكن ظنى أنكم تستطيعون تقدير عذرى هذا فمن منا يستطيع مرور الكرام باسمه الكبير فى عالم الفكر والكتابة !

انه «العقاد» مؤلف العبقريات, والتى أردت من خلالها اليوم, وتحديداً من خلال «عبقرية محمد» عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليمات ان أطل معكم على بعض من الابداع العميق, لعلنا نقتبس منه نفحة روحية فريدة تعيننا خاصة ونحن فى رحاب تلك الايام المباركة من شهر رمضان الكريم, فى محاولة لبذل قدر زائد من الجهد فى العبادة لتحرى ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر.

فقد شرح لنا «العقاد» ان تلك الطبائع سالفة الذكر فى بداية المقال, تتفرق فى الناس, وقلما تجتمع فى انسان واحد على قوة واحدة، فإذا اجتمعت معاً فواحدة منهن تغلب سائرهن لا محالة, وتلحق الآخريات بها. 

فحقاً قلما تشعر بالكون بيتاً لأسرة ومعملاً لباحث, ومتحف فن, ومضمار سباق فى نفس الوقت, وإنما هى حالة من هده الحالات تجب سائر الحالات, وقد تلحقها بها إلحاق التابع بالمتبوع والمساعد بالعامل الاصيل «بحد قول أستاذنا».

وسيدنا «محمد» كانت فيه هده الطبائع جميعاً فقد كان عابداً, مفكراً, قائلاً بليغاً, وعاملاً يغير الدنيا بعمله، ولكنه كان عابداً قبل كل شىء, ومن أجل العبادة كان تفكيره وقوله وعمله، وهناك فرق ما بين العابد الذى انقطع للعبادة, والعابد الذى يفكر ويعبر ويعمل. فسيدنا «محمد» مثل حركة متجددة فى الحِس وفى الفكر وفى الضمير, فلا انقطاع عن الحِس للعبادة كل الانقطاع, ولا انقطاع عن الحِس للتفكير كل الانقطاع, وإنما هو تفكير من ينتظره العمل, وليس بتفكير من ترك العمل ليوغل فى الفروض ومذاهب الاحتمال والتشكيك- بحد قول «العقاد». 

و«لحديثنا بقية»