عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

تعتبر السلطة التشريعية أو المجالس النيابية أحد الأضلاع الثلاثة في مثلث السلطات في أي دولة، حيث تتواجد في أي دولة حديثة ومعاصرة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وتحدد طبيعة العلاقة بين هذه السلطات ومدى تعاونها وتآزرها أو مدى انفصالها شكل وطبيعة نظام الحكم في الدولة والذي يمكن أن يكون رئاسياً أو برلمانياً أو مختلطاً وفقاً لنمط العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بصفة خاصة.

ونظراً لأن مصر مقبلة في الأشهر القليلة القادمة على انتخابات مجلس النواب بهدف تكوين السلطة التشريعية المنتخبة واستكمال الفراغ المؤسسي الذي تعاني منه البلاد منذ حل المجلس التشريعي في عام 2012 واستكمال الخطوة الثالثة والأخيرة من خطوات خارطة المستقبل السياسي التي ارتضاها الشعب المصري لنفسه، ووجود دور مفترض للأحزاب السياسية في هذا الاستحقاق فإنه يمكن الإشارة إلى الملاحظات الأساسية التالية:

أولاً: إن للأحزاب في أي نظام سياسي حديث دورها المهم في العملية الانتخابية، فالحزب السياسي بحكم تعريفه هو تنظيم سياسي يهدف إلى الوصول إلى السلطة بطريقة مشروعة وله برنامج سياسي يحاول إقناع الناخبين به باعتبار أن المعيار الجوهري للوصول إلى السلطة هو الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان ما يمكنه من تشكيل الحكومة وتحويل البرامج والأفكار إلى واقع ملموس يعيشه المواطن ويعمل الحزب من خلال البرنامج على علاج مشكلات الواقع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وبالنسبة للأحزاب المصرية في الآونة الراهنة، فإنه يمكن القول إن مصر تعرف تناقضاً جوهرياً بين تعددية حزبية مبالغ فيها، حيث يتجاوز عدد الأحزاب السياسية المتواجدة على الساحة المصرية 80 حزباً، بينما تأثير هذه الأحزاب من الناحية الواقعية يكون محدوداً، بمعنى أن معظم هذه الأحزاب غير معروفة للمواطن العادي الذي لا يعرف قيادات هذه الأحزاب وغالباً لا يعرف برامجها وأهدافها وهو ما يتطلب إعادة النظر في طبيعة النظام الحزبي المصري.

ثانياً: إن تحقيق عملية التحول الديمقراطي في مصر يتطلب بالضرورة إعطاء ثقل كبير للمؤسسات السياسية داخل النظام، ولعل من أهم هذه المؤسسات الأحزاب السياسية، ويمكن القول إن هناك علاقة طردية بين الديمقراطية السليمة وبين تدعيم الأحزاب السياسية، فما زال المواطن المصري في الغالب الأعم يعطي صوته في الانتخابات التشريعية للشخص أكثر مما يعطيه للحزب مما يعني غلبة الطابع الشخصي على الطابع الحزبي والمؤسسي، وحتى عندما يختار المواطن مرشحي الأحزاب فإنه غالباً ما يميل إلى اختيار أشخاص أكثر مما يختار أحزاباً، ويمكن تفسير تزايد دور الأشخاص على دور الأحزاب بعاملين أساسيين وهما حداثة نشأة العديد من الأحزاب السياسية المتواجدة على الساحة التي نشأ معظمها عقب 25 يناير، بالإضافة إلى المحاولات المتعمدة لتجريف الأحزاب السياسية والحياة السياسية في مصر خلال عدة عقود سابقة بهدف ألا يكون هناك سوى حزب واحد يستطيع الحصول على الأغلبية الساحقة من مقاعد المجلس التشريعي وتصبح الأحزاب الأخرى بمثابة أحزاب شكلية وكرتونية لإعطاء المحتوى التعددي.

ويحتاج تدعيم النظام الحزبي المصري إلى وضع ضوابط وقواعد تنظيمية لنشأة الأحزاب السياسية مثل اشتراط الحصول على تأييد حد أدنى معقول من المواطنين، والتواجد في أغلب محافظات الجمهورية، وأن يكون للحزب مقار متعددة في هذه المحافظات، ومصادر للتمويل معروفة ومحددة، وأن تكون برامج الأحزاب وأفكارها تتضمن الجدة والاختلاف، فمن غير المفيد أن تنشأ أحزاب جديدة تكرر أفكار وبرامج الأحزاب القائمة، ومن غير المرغوب فيه على سبيل المثال أن يتواجد في الساحة السياسية عدد كبير من الأحزاب السياسية التي تعبر عن نفس الاتجاه السياسي.

ثالثاً: إن تدعيم وتقوية النظام الحزبي في مصر يتطلب إعادة النظر في القوانين والتشريعات والضوابط الخاصة بنشأة الأحزاب السياسية، كما يتطلب الأمر أيضاً تواجد الأحزاب في الشارع ومع فئات الشعب المختلفة وتساعد في حل مشاكلهم وهذا ما يعطي للأحزاب قوتها في أي نظام سياسي، كما يتطلب الأمر أيضاً أن تعمل الأحزاب على إقناع المواطنين بأفكارها وأهدافها وبرامجها، بحيث يستطيع المواطن الاختيار بناء على هذه الأفكار والبرامج حتى لو كان لا يعرف أشخاص المرشحين إلا أنه يختار بناء على اقتناعه ببرنامج الحزب ويتطلب الأمر من وجهة نظري توافر المتطلبات التالية ونحن مقبلون على الانتخابات البرلمانية:

أ- التدقيق والإعداد الجيد للقوانين المتعلقة بمباشرة الحقوق السياسية والانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية، خاصة مع توافر الكفاءات القانونية والدستورية.

ب- دمج الأحزاب ذات الاتجاه السياسي الواحد أو الأيديولوجية الواحدة وبحيث يكون لدينا ثلاثة أو أربعة اتجاهات وهي المعروفة في علم السياسة (يمين - وسط - يسار) ما يسهل مهمة الناخب في الاختيار ويمكن أن تتوحد وتأتلف هذه الاتجاهات في مجلس النواب القادم تحقيقاً لمصلحة الوطن فيما يعرف بالائتلاف الكبير أو حكومة وحدة وطنية لمواجهة الأخطار التي تتهدد البلاد.

ج- إن المطلوب في جميع الأحوال أن تتغلب المصلحة العامة للوطن على المصالح الضيقة أو المصالح الحزبية أو المصالح الشخصية حتى يمكن تجاوز هذه المرحلة الصعبة من مراحل التطور السياسي.

 

 

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة