رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أشرنا فى مقالنا السابق أن الدعوة الإسلامية مبدأ إقليمى، وقد بدأ بها القرآن الكريم كخطاب موجه إلى النبى محمد عليه الصلاة والسلام «وأنذر عشيرتك الأقربين»، وأشرنا فى مقالنا السابق إلى الآيات القرآنية أنزلت إلى الناس أجمعين ولتعميق هذه الفكرة التاريخية نشرت بادئ ذى بدء موضوعاً من أهم الموضوعات التاريخية:

أهم الأسباب وراء انتشار الإسلام فى مصر:

قلنا فيما سبق إن أذرع المصريين امتدت لاستقبال الدين الجديد، ومن ضمن الرسائل المهمة التى أرسلها نبى الإسلام محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى حكام الدول فى ذلك الحين رسالته الشهيرة إلى «المقوقس حاكم مصر» من قبل الإمبراطورية البيزنطية وإقباله للإسلام.

«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى: أما بعد فإنى أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإنما عليك إثم القبط ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء».

وهذه الرسالة المحمدية هى عنصر من عناصر الدعوة الإسلامية، تلك الدعوة التى خاطبت الناس أجمعين، والحديث عنها حديث عن «عالمية الدعوة الإسلامية» كما سنرى ذلك بعد حين.

ضاق المصريون ذرعاً بقسوة الحكم البيزنطى، ورأى كثير من أقباط مصر خيراً فى الدين الجديد فتحولوا لاعتناق الدين الإسلامى عن إيمان وعقيدة، وبعضهم اعتنق الإسلام تقرباً وزلفى من الحكام سعياً وراء مغانم شخصية، إلا أن الذى حدث أن المصريين فرادى وجماعات اعتنقوا الإسلام ديناً، وكان وراء ذلك عدة أسباب نوجز بعضها فى الآتى:

الدين الإسلامى دين التسامح:

1- قام الفتح الإسلامى، ليس على حد السيف -وإنما على مبدأ إسلامى أصيل هو التخيير للمصريين- كدأب باقي البلاد التى قاموا بفتحها- إما الدخول فى الإسلام طواعية واختياراً وإلا دفع الجزية والحرب، وقد قبل المصريون دفع الجزية.

وقد عومل المصريون معاملة أهل الذمة، وبمقتضى «عقد الذمة» تلتزم الدولة بتأمينهم وحمايتهم، بل والدفاع عنهم، وذلك كله تحت المبدأ الإسلامى «لهم ما لنا وعليهم ما علينا».

وقد عم التسامح المصريين جميعاً وخاصة أقباط مصر، وهنا نشير إلى ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم عن أهل مصر وحسن معاملتهم: «إن الله سيفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لهم منكم صهراً وذمة».

2- ومن علامات التسامح فى الإسلام أمور عدة كلها تدور حول حرية العقيدة، والتسامح، والأخلاق الكريمة.

وفى الوقت نفسه خففت الأعباء المالية على المصريين، وسمح لهم تبوؤ المراكز الإدارية أياً كانت درجتها، وبعكس ما كان من قبل، حيث كان حرمان المصريين من تبوؤ الوظائف العليا.

3- ومما هو جدير بالذكر أن عدد المسلمين -قبل الفتح الإسلامى- كان محدوداً تماماً فى مصر، إلا أنه بعد الفتح استقبلت مصر بكل ترحاب وحب الهجرات العربية، وحدث التمازج السكانى والمصاهرة، ويكفى أن النبى صلى الله عليه وسلم تزوج مارية القبطية المصرية وكانت هدية حاكم مصر «المقوقس» له.

4- ومما زاد اختلاط الأجناس، العربية والمصرية، بجانب المعاملات التى سجلتها الحياة اليومية انتشار اللغة العربية، ورغم صعوبتها، إلا أن المصريين سرعان ما استسهلوها، فكانت لغة التخاطب ولغة القانون، بل وكانت عاملاً مساعداً فى انتشار الدين الإسلامى: (إن أنزلناه قرآناً عربياً) (وإنا له لحافظون).

ومن هنا بدأت تتراجع تماماً اللغة اليونانية - اللاتينية، بل والقبطية ليعلو شأن اللغة العربية ولتصبح لغة البلاد الأولى، أى اللغة القومية لمصر الإسلامية.