عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجدل الذي أثاره إعلان نتائج المسح الدولي حول جودة التعليم العالمي، يشير بوضوح إلى أن الأنظمة السياسية المتعاقبة منذ عشرات السنين، وضعت الثقافة والعلم والمعرفة والبحث العلمي في ذيل أولوياتها!

رغم قداسة التعليم في الدستور، إلا أن المنظومة التي تقوم بتخريج ملايين الطلاب سنويًا من المراحل الدراسية المختلفة، لم تستطع اجتياز امتحان الجودة العالمي، فرسبت بامتياز مع مرتبة الشرف، لتحتل المركز قبل الأخير، ثم الخروج نهائيًا من القائمة!

قد لا نستغرب أننا أصبحنا خارج قائمة المنافسة العالمية، في كل المجالات تقريبًا، بعد أن بات التخلف والانحدار والسقوط عنوان كل مرحلة، ولم يعد يجدي نفعًا تلك التصريحات «الاستهلاكية»، المحفورة في ذاكرة الشعب منذ عقود.

ولكن، من الإجحاف تحميل النظام الحالي وحده، تردي أوضاع التعليم، لأنها نتيجة طبيعية لتراكمات قديمة، أوجدت حالة من تقزيم البلاد والحؤول دون أي تقدم، وهو ما يظهر أثره بشكل واضح في «تفشي الجهل»!

نتصور أن هناك مشكلة منهجية في طريقة التعليم، التي تجعل الطالب يحفظ دون استيعاب، في ظل تجاهل واضح للأساليب الجديدة والمتطورة، إضافة إلى عدم ربط التعليم بالمواهب والميول، وتهميش التعليم المهني، وهو ما يجعل الأمر عبثيًا.

نعتقد أن تراجع مستوى جودة التعليم يرجع إلى غياب الإرادة الحقيقية بعملية تطويره، إضافة إلى ضعف مرتبات المعلمين وقلة تدريبهم، وعدم كفاءة الوسائل التعليمة والمباني المدرسية، والمناهج العقيمة، والكثافة الطلابية، وغياب الأنشطة والمهارات، والوسائل والمختبرات، وتفاقم وباء الدروس الخصوصية!

من المؤسف أن المجتمع، منذ عقود طويلة، ينظر إلى التعليم كوسيلة لتأمين المستقبل المالي، لا كوسيلة للمعرفة، حيث تم ترسيخ هذا التوجه الخاطئ، لينقسم التعليم الأساسي إلى قسمين متفاوتين في المرتبة، وهما العام والفني، ثم تقسيم التعليم العالي إلى كليات قمة وأخرى عادية، مما أدى إلى تبعات كارثية، شملت إهمال التعليم الفني رغم أهميته لأي نهضة صناعية!

إننا نعيش حالة تهميش واضحة لقيمة التعليم، حيث نجد معظم الأسر تضع تعليم أبنائها على رأس أولوياتها، مهما كانت درجة الفقر الذي تعانيه، ولذلك فإن سوء المنظومة يدفع غالبية الطلبة للدروس الخصوصية التي لا تعلم الطلاب شيئًا، وإنما تهتم بتدريبهم على كيفية حل الامتحانات بأسئلتها المتكررة والعقيمة.

إضافة إلى ما سبق، يمكننا ملاحظة انحدار المستوى الأخلاقي لكثير من المعلمين والطلاب على السواء، فأصبحت المنظومة، لا تربية ولا تعليم، كما أن الواقع المحبط والمتردي، له تأثير كبير في هذا التدني، حيث يعيش الطالب صراعًا نفسيًا بين بذل الجهد لتحقيق مستقبل أفضل، وبين معايشة الحياة كما هي، كونه لا فائدة من التعب والجهد!

ربما من أهم الأسباب التي أدت إلى ما وصلنا إليه من «اللامستوى» هو غياب الرؤية ـ لإصلاح ما أفسده الدهر ـ لدى هؤلاء الذين يتصدرون المشهد القيادي التعليمي، وهم ليسوا على أي درجة من الكفاءة.

أخيرًا.. إن فاجعة أي أمة، تتجسد في إدارة أزماتها، فإما أن «تتعلم الدرس»، وتستوعب الأسباب، وتُخطط لتفادي تكرارها، أو تترك الأزمة تستفحل، لتدمر أجيالًا قادمة، وصولًا إلى مرحلة «البؤس الإنساني»!

[email protected]