رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

آفة حارتنا النسيان. مقولة كتبها نجيب محفوظ فى روايته الرائعة «أولاد حارتنا» وتزورنى كُل حين وأنا أتابع مسيرة العظماء والأبطال الحقيقيين فى التاريخ. كم من ساذج، وانتهازى، وطاغية خُلد، وكم من شهيد وفدائى ومبدع حقيقى توارى وذوى حتى لم يعُد يُذكره أحد.

لكننا قادرون على تصويب الحال. وأنا لدىَ فكرة تراودنى كلما سافرت عبر مطار القاهرة تتلخص فى إطلاق أسماء رموز مصر العالمية على صالات الوصول والسفر، فبدلاً من تسمية المطار بالمطار الجديد والقديم، يُمكن التفرقة بينهما بتسمية الأول باسم مطار نجيب محفوظ والثانى باسم مطار أم كلثوم. إن الشخصيتين المصريتين هُما الأكثر تأثيراً فى العالم خلال القرن المنصرم، وهُما التجسيد الحقيقى للعطاء، والفن، والإبداع.

المُعتاد والمتكرر فيما حولنا أن تتم تسمية الميادين والشوارع والمطارات بأسماء القادة والرؤساء والزعماء، فذلك مطار أتاتورك فى اسطنبول، وهُناك مطار جون كينيدى فى نيويورك، ومطار شارل ديجول فى فرنسا، وبن جوريون فى تل أبيب. أما الاستثناء والجديد أن تُسمى المطارات بأسماء الرموز الشامخة وأذرع القوى الناعمة اللا محدودة، والتى ساهمت فى بناء مجد مصر وانتصارها حضارياً. تخيلوا معى لو رأى السائح مطار القاهرة باسم نجيب محفوظ أو أم كلثوم، لو تكررت على مسامع الناس أسماء شوارع وميادين لتوفيق الحكيم ويحيى حقى وأحمد شوقى وأمل دنقل وصلاح عبدالصبور وبليغ حمدى، وعبدالحليم حافظ، ولو أطلقنا أسماء كتاب عظام مثل لويس عوض، وسلامة موسى، وعبدالرحمن الشرقاوى وغيرهم على محطات المترو للمرحلة الجديدة.

لقد أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى على أول حاملتى طائرات تمتلكهما مصر فى تاريخها العسكرى اسمى الرئيسين جمال عبدالناصر، وأنور السادات، وصارت قوة الردع الجديدة مقترنة باسميهما، ورغم اختلاف بعضنا مع الرجلين، إلا أن الخطوة مثلت لمسة وفاء وعرفان وإنكار للذات. ومما يذكر للرئيس السيسى أنه لم يُسم مُنشأة أو مشروعاً أو ميداناً باسمه، رغم أن مَن كانوا قبله فعلوا وأسرفوا، فذلك عبدالناصر الذى سمى حياً سكنياً لمحدودى الدخل باسمه وهو منشأة ناصر، ثُم أطلق على بحيرة صناعية كبرى اسمه، ثُم توالى اطلاق اسم «ناصر» على كل شىء حتى أنه لا تخلو محافظة أو مدينة من اسم الرجل.

ومما يلفت النظر أن عبدالناصر أطلق أسماء أصدقائه على عدة شوارع فى بلادنا ويكفى أن أكبر وأهم شارع فى مصر يحمل إلى اليوم اسم صلاح سالم، ذلك الذى كان أحد معاول تشويه الضباط الأحرار بغطرسته وتطرفه وسوء تصرفاته. لقد كتبت من قبل مقالاً عن ذلك الشارع باسم «الشارع الغلط» مُندهشاً أن تُخلد مصر ذلك الرجل الذى لم يمنحها أى عطاء حقيقى، بينما تنسى المبدعين والعظماء والوطنيين الحقيقيين.

وفى تصورى وظنى أنه آن الأوان لتلتفت الدولة بمؤسساتها لرموز أخرى فى مجالات التحضر والإبداع مُخلدة إياها ومحتفية بها.

والله أعلى وأعلم.

[email protected]