عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

المحطة.. نظيفة.. مكنوسة.. ممسوحة، بها أكثر من مقعد ومظلة من الشمس، كل ربع ساعة يأتى الأتوبيس، يقف «الناس» كل فى دوره، لا يتزاحمون ولا يدفع بعضهم بعضا بالأيادى والأقدام، يجلس كل فى المقعد المتيسر له، والقلة القليلة تقف إذا ما كانت «مستعجلة» أما الباقى فيتنظرون الأتوبيس القادم، لأن لديهم ثقة لا تهتز بأنه لن يتأخر عن ربع الساعة، وبالطبع كل منهم «نازل» من بيته قبل موعده بفترة كافيه، ليلحق بموعد عمله أو دراسته أو أى من مهامه الأخرى فى هدوء.

عن الأتوبيسات.. الترام.. المترو وأيضا القطارات فى البلدان الأوروبية والأخرى المتقدمة أتحدث، تلك النظيفة الواسعة المكيفة، بسائقها الذى يرتدى «زياً» مهندماً، ومفتش التذاكر مثله، وقد لا يمر أبدا مفتش التذاكر لأن المواطنين أنفسهم لا يعمدون إلى «التزويغ» لعلمهم أن تزويغهم سرقة لأموال الدولة، وسينعكس على الموازنة العامة وعلى الخدمات المقدمة لهم فى إطار المواصلات العامة والطرق.. لا يمكن لسائق أن يكسر الإشارة، أو يفتح الباب قبل المحطة وفى نصف الطريق ليركب واحد «معرفة» أو «مزة» شاورت له، فهذا جريمة يعاقب عليها القانون هناك، وأقارن بينها وبين مواصلاتنا العامة، التى نعرفها جميعا ونعايشها ونعانى منها إلى حد الخنقة والكراهية.

هناك فى بلدان لا تعتبر العمل عبادة كما يأمرنا القرآن أو الإنجيل، نجدهم فعليا يعملون كل «شىء صح» وكأنهم فى محراب للتعبد، فعندما تم تخطيط المدن والقرى، تم قبلها أو على التوازى منها تخطيط الطرق، وتخطيط نوعية المواصلات التى تتوافق مع طبيعة المكان وتعداد السكان وبنظرة مستقبلية، المصالح الحكومية والمؤسسات والشركات، كل منها لابد أن يكون لها جراج كشرط للبناء، حتى لا «يركن» الموظفون سياراتهم فى الشوارع المحيطة بالمؤسسة فيزحمون المكان ويعيقون المواطنين الذين يقصدون المؤسسة لقضاء مصالحهم، ولكل مؤسسة غالبا عدد من الأتوبيسات، التى تقل موظفيها من منازلهم للعمل والعكس فى نقاط التقاء ومحطات محددة، مما يخفف استخدام السيارات الخاصة وبالتالى يقل زحام الشوارع.

هناك المواصلات العامة متعددة.. منضبطة، وراقية، تناسب كل المستويات، حتى إن أى وزير أو مسئول كبير لن يتردد فى استقلال أتوبيس أو مترو أو ترام، أو حتى دراجته الخاصة - حيث توجد طرق مخصصه للدراجات فى كل مكان -  ليتوجه إلى عمله، فلا ترافقه زفة سيارات الأمن، ولا تغلق الطرق ويتعطل المواطنون عن أعمالهم ومصالحهم، «لأنه ببساطة هؤلاء المسئولون ليسوا مستهدفين بعداء من جموع الشعب، لأنهم ينفذون أجندة الحكومة ويعملون بكفاءة مرضية، فأمنوا أنفسهم فى الشوارع «طبعا توجد استثناءات»، وجنبوا المواطنين تحمل تبعات زحام المرافقات الأمنية وعرقلة المرور.

نعم غيرانة على بلدى.. من مواصلاتهم العامة النظيفة المضبوطة المواعيد، «والتى تتبع شركات خاصة تحت إشراف الحكومة أو بمشاركتها – حتى لا تتحمل الحكومة كل النفقات - فى شوارع مرصوفة واسعة، وقد تم تفريغ قلب المدن من السيارات الخاصة، واستعاضت الغالبية عن سيارتها باللجوء للمواصلات العامة لرقيها، هذا ما لجأت إليه الدول التى لا تعرف «الله» غالبا، لكننا فى مصر نقول للحكومة وكل أعضائها «خنقتونا» بالطرق والزحمة والمواصلات «الزبالة» والتى تدفع كل واحد منا لشراء أى سيارة بالدين والقسط ليرحم كرامته من بهدلة المواصلات العامة.. من هنا كان الزحام والقرف و.. خنقتنا.. وللحديث بقية.

[email protected]