رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم مصرية

 

سؤال يلح علىَّ- وعلى كل الذين انجرفوا- يؤيدون برامج الخصخصة.. أم أن المبدأ كان سليمًا.. والتطبيق كان خطأ فى الأسلوب؟!

أكاد أجزم أن هذه الخصخصة جعلتنا نهدر وبأيدينا أهم مقومات الثروة القومية من مصانع كانت توفر آلاف الفرص للشباب وما أكثر هذه المصانع التى كانت تنتشر فى كل مدن مصر.. ويكفى ما حدث لمصانع الغزل والنسيج ومحالج القطن ومعاصر الزيوت.. ذلك أن قطاع الغزل والنسيج مجرد مثال.. ففى الصناعات الهندسية كانت عندنا صناعات متطورة للثلاجات وأجهزة التكييف والمطابخ والمراوح.. وسيارات الركوب والنقل.. بل عربات الأتوبيس.. ومعدات الزراعة.. كل ذلك دمرناه بأيدينا وكان لخدمة مافيا الاستيراد.. وتشجيع المصانع الأجنبية.. وهكذا بلغت فاتورة الواردات 80 مليار دولار.. بينما تقف فاتورة الصادرات عند 20 مليار دولار.. وهذا الرقم «60 مليار دولار» هو الكارثة التى تدمر الاقتصاد القومى..

ونتج عن برنامج الخصخصة ارتفاع معدل البطالة، خصوصًا أن نظام التعليم المصرى كانت نتيجته تخرج موظفين، وليس متعلمين.. بل إن من مساوئ الخصخصة.. ما نال منها قطاع التعليم.. فاندفعنا فى إنشاء التعليم الخاص، بكل مراحله.

أقول ذلك لأن من أهم أسباب انتشار الإرهاب فى الصعيد، توقف عمليات تنمية مدن وقرى الصعيد- منذ بدأنا برامج الخصخصة، إذ أغلقنا معظم المصانع هناك.. وتوقفنا عن تطويرها لكى نجد مبررًا لإغلاقها.. وقد كان فزادت نسبة هجرة أبناء الصعيد إلى القاهرة ومدن السواحل بحثًا عن لقمة عيش.. ومن بقى أصبح لقمة سهلة للإرهابيين.. وهكذا ساهم برنامج الخصخصة فى زيادة الإرهاب ليس فى الصعيد فقط.. بل فى كل مدن مصر.. فهل كان ذلك ضمن برامج وخطط الإرهابيين؟!

وفى الأيام الأخيرة.. وجدنا اهتمامًا بإعادة الحياة إلى صناعة الغزل والنسيج- بحكم أنها الأعلى فى عدد من يعملون فيها.. وكذلك إعادة الحياة إلى مصانع الحديد والصلب المصرية الحكومية فى منطقة التبين بحلوان، فهل هذا وذاك يعد تراجعًا عن سياسة الخصخصة.

وأعترف بأننا عندما أيدنا برنامج الخصخصة منذ 25 عامًا، كان ذلك لأن الحكومة لم تكن صانعًا جيدًا، ولا تاجرًا ماهرًا.. ولا بائعًا مقبولاً.. وتحولت شركات القطاع العام- أيامها- إلى مخازن للعاملين دون عمل.. مما شكل أعباءً مالية رهيبة عليها أدت إلى إفلاس معظمها.

نقول ذلك لأنه- حتى الآن- هناك شركات عظمى فى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مازالت ملكًا للدولة.. فالعيب ليس فى المبدأ.. ولكن فى الإدارة.. ويكفى أننا لم ننفذ- كما يجب- برنامج الخصخصة، ولم نستخدم ثلث عائد المبيعات لتطوير وتحديث ما بقى من شركات كما كان ينص القانون، بل دخل هذا الثلث- مع ثلث الملكية- إلى وزارة المالية المالكة.. أى إلى بلاعات لا نعرف أين تصب.

ونعود لسؤال المقدمة، هل كانت الخصخصة علاجًا لأوجاع اقتصادية أم كانت تدميرًا لأهم ما كانت تملكه الدولة.. رغم سوء إدارتها، أكاد أقول بوجود مؤامرة.. رحم الله من مات ممن روجوا لها ونفذوها.. واغفر لمن بقى على قيد الحياة منهم.. ولكن لابد من طرح السؤال.. على الأقل لكى نتعلم.