رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

فى فرنسا الدولة العلمانية الأولى فى العالم، والتى جعلت الحرية الشخصية فى ممارسة الدين تصل الى أقصى حد، والتى لا تسأل عن كينونتك واتجاهاتك الفكرية، يقترب فيها «إيمانويل ماكرون» من الإليزيه بجرعة دينية وروحية يجذب بها «ماكرون» الناخبين، ويسخر بها من خصومه، ولا يعرف أحد حتى الآن هل هى مرتبطة بمشروعه السياسى، وشخصيته، أم أنها مجرد خطة بسيطة لاستمالة الناخبين، بإضفاء هذه الهالة الدينية، واستفزاز خصومه من أجل انتقاده، بالظهور بمظهر المبشّرين. ويحظى ماكرون بسمعة جيدة وسط الفرنسيين، بالنظر إلى أفكاره الحداثية الجديدة، وسجله النظيف، إضافة لخبرته العملية، مما جعله المرشح الأوفر حظًّا فى دخول قصر الإليزيه، ولا سيما بعد تراجع شعبية «فيون»، ليصبح المنافس الأوحد، المعول عليه من قبل اليسار واليمين والمستقلين.

وعلى الجانب الآخر نجده يتغنى بكونه لن يتخذ أى خطوات جديدة فيما يتعلق بالإرهاب، واستبعد ما وصفه بالسياسات الرمزية مثل سحب الجنسية الفرنسية من المتورطين بأعمال ارهابية من ذوى الجنسية المزدوجة، لأنه يرى أن تلك السياسات ستقسم البلاد وأنه لن يقبل أبدا أن يوصم الناس بناء على دينهم أو معتقداتهم، كما أنه يرفض أى تعصب على أسس دينية؛ وهو بذلك يلعب على الأصوات الإسلامية الموجودة بفرنسا.

ولكنه يعود فى أماكن أخرى ليطمئن المواطن الفرنسى المرتجف من الإرهاب، فيعلن أنه سيطالب بوضع «خارطة طريق دولية» لمحاربة الإسلام المتطرف، واصفاً أفريقيا بأنها منطقة فيها «كل المخاطر وكل الفرص» لفرنسا. وهذا يبدو مناقضا تماما لشخصية «ماكرون الديمقراطى الليبرالى» الذى يلقى الدعم من «الجناح اليمينى» للحزب الاشتراكى ومن بعض السياسيين من اليمين والوسط؛ وكان مقربا من رئيس الحكومة السابق الراحل «ميشال روكار» الذى أثر كثيرا فى مساره السياسى.

وبالطبع لا يصنف «إيمانويل ماكرون» فى «خانة» اليسار ولا اليمين، فاليمين يصف «إيمانويل ماكرون» بـ«العميل» ويرى فيه المنافس الأشرس، والذى يمكن أن يشكل عقبة أمام وصول «فرانسوا فيون» إلى سدة الحكم. أما الحزب الاشتراكى فلقبه بـ«بروتوس جديد»، ذلك السياسى الفيلسوف الذى شارك فى قتل الإمبراطور الرومانى يوليوس قيصر عام 44 قبل المسيح، رغم أنه هو الذى صقل مسيرته ومنحه كل النعمات والخيرات.

يصف الاشتراكيون «إيمانويل ماكرون» بـ«بروتوس» لأنه بترشحه للرئاسة خدع حسب رأيهم الرئيس «فرانسوا هولاند» الذى عينه وزيرا للاقتصاد فى 2014، بعدما عمل مستشارا له فى قصر الإليزيه فى 2012. ويرون أنه مخادع ولعب على كل الحبال مبرهنين على ذلك بأنه رغم شغله منصب وزير الاقتصاد فى حكومة يسارية، لم يعلن ولو مرة واحدة أنه يدعم التوجه اليسارى أو الحزب الاشتراكى.

والجميع يعلم أنه لا ينتمى لأى تيار سياسى تقليدى بل يشق طريقه برفقة مسانديه، ويبلور أفكارا جديدة أصبحت تلقى صدى كبيرا فى المجتمع الفرنسي. وفى الحقيقة أن ماكرون يرى أن الفكرة القائلة إن السياسة تنقسم الى يمين ويسار غير ذات أهمية وعفا عليها الزمن. ويتعمد إلى التقليل من أهمية علاقته بالرئيس «هولاند». ويتبنى منظورًا أقل انفتاحًا نحو الهجرة، إذ يشترط أنه على كل أجنبى سعى للحصول على الجنسية الفرنسية إخضاعه لاختبار يقيس مدى إلمامه بالثقافة والقوانين الفرنسية، كما يرغب فى تقليص المساعدات الاجتماعية الموجهة للأجانب، ويرغب فى وقف العمل بمنح الجنسية الفرنسية التلقائى للمولود على التراب الفرنسي، ويريد أيضًا تحديد عدد المهاجرين الممكن استقبالهم مؤكداً أن الحركة التى يقودها عبارة عن مشروع جديد وليست استمرارا لتوجه «هولاند». وأنه سيعمل على اكتشاف «روح النصر التى تتحلى بها فرنسا» وإجراء «عملية تغيير» .

ويثير صعود نجم المرشح الرئاسى الفرنسى، «إيمانويل ماكرون»، فضول الكثيرين لكونه يمثل نموذجًا جديدًا لرجل السياسة، فهو شخصية لا تكثر من الكلام أمام كاميرات الإعلام، ويعتمد على تجربته العملية كرجل «تكنوقراط» فى ممارسته السياسة، بدل تمثيله التوجهات السياسية كباقى السياسيين. فماذا سيقدم «ماكرون» إذا أصبح الرئيس الجديد؟